أمنيات على بوابة عام 2010
على أبواب نهاية العقد الأول من الألفية, ما هي جاهزية الفضاء الإلكتروني الأردني لعام 2010? وهل وضعنا الأهداف الملائمة لدخول العام الجديد فيما يتعلق بمجتمع المعرفة والتقنية والمعلوماتية؟ وهل يمكن أن يكون عام 2010 عام الانترنت؟
في عالم اليوم, تغيرت تركيبة العلاقات وتفاصيلها, فثورة التكنولوجيا المعلوماتية وظهور الانترنت غيرت وجه العالم, والفروقات السابقة التي كانت تشكل معايير الاختلاف بين البشر تغيرت بالضرورة أيضا, فالأمية لم تعد مقتصرة على فك طلاسم أبجديات اللغة, بل صارت الأمية محكومة بمعيار القدرة على التواصل في عالم الشبكة الالكترونية, ولأن الانترنت حوّل العالم إلى قرية صغيرة كما عبر عن ذلك ببلاغة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون, فإن التقسيم التقليدي للعالم بين من يملكون ولا يملكون اختلف ايضا ليصبح في عالم الثورة المعلوماتية حاصل الفرق بين من يستطيع النفاذ والوصول إلى الانترنت وبين من لا يستطيع ولا يملك القدرة, ومن هنا يصبح التحدي لدى الحكومة - أي حكومة- تجسير هذه الهوة بين الطرفين وخلق البيئة الملائمة للجميع للوصول إلى الانترنت.
أردنيا حكومة جلالة الملك التي حظيت بشرف التكليف مؤخرا, مطالبة بشدة على أبواب العام الجديد ان تأخذ الخطوات الفعلية والفاعلة للإرتقاء بالأردن إلى مستوى الرؤية الملكية السامية, التي عبر عنها المنطوق السامي في أكثر من مناسبة, وكانت الرؤية السامية تتلخص دوما بالتجسير في هذا الانقسام "الرقمي" في عالم المعلوماتية, وكانت المبادرات الملكية السامية دوما تعبيرا شديد الوضوح لأهمية وضرورة الارتقاء بمجتمع المعلوماتية الرقمية إلى أقصى الحدود الممكنة, فالرؤية الملكية السامية كانت دوما تستشرف المستقبل بناء على معطيات الحاضر.
ليس من عادتنا إسباغ الصفات في غير محلها, لكننا ومن واقع خبرتنا العملية نجد أن أمام الحكومة الجديدة أكثر من فرصة للوصول إلى نتائج مبشرة في تحقيق الأهداف المتعلقة بمجتمع المعلوماتية بشكل خاص وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بشكل عام, خصوصا بوجود وزير اتصالات نعرف مهاراته وإتقانه لما تم تكليفه, ومن هذه المعطيات الهيكلية تتشكل بيئة حقيقية للتغيير الفاعل نحو مجتمع مؤسس على المعرفة في مفهومها الثوري الجديد, وبالضرورة الوصول إلى دولة المؤسسات والقانون والديمقراطية.
ندرك أن الحكومة الرفاعية تقف أمام تحديات كبيرة, لكننا ندرك أن إرادة التغيير الحقيقي والعمل المخلص قادران على تذويب كتل التحديات وتخطيها, وليس من المبالغة القول ان مشوار الألف ميل للحكومة, يجب أن يبدأ بخطوة أولى من عناصرها الأساسية تكوين رؤية استراتيجية مرتبطة عضويا بخطة عمل تنفيذية للإرتقاء بقطاع تكنولوجيا المعلومات بكل محتوياته, وأهمها الانترنت وتسهيل حيازته للجميع.
لقد وضع كتاب التكليف السامي جدول عمل مكثف ومتكامل في الرؤية أمام الحكومة, وهي حكومة تشرفت بحظوة الثقة الملكية, وهي ثقة سامية تحمل كل معاني مفردة "الثقة" بمقدرة رئيس الحكومة وطاقمه الوزاري على تنفيذ ما ورد في كتاب التكليف السامي من لدن جلالة الملك المعظم, وكان جلالته منذ بداية عهده الميمون مناديا وباستمرار لتحديث الرؤى, واضعا مجتمع المعرفة على رأس أولوياته, وهذا يعكس إيمان جلالته بالإنسان الأردني الممكّن بالعلم والمعرفة, وهذا لا يتأتى من دون ربط مقومات هذا المجتمع المنشود بأساسيات الثورة المعلوماتية.
لقد أشرنا قبل فترة وجيزة, إلى تقرير المعرفة العربي لعام 2009 والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي, وحللنا في مقالاتنا المنشورة ما يتعلق بمحور الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات, حسب الأرقام الواردة في التقرير, وكان هناك مكمن وجع في بعض الأرقام المتعلقة بالأردن, والتي أشارت بوضوح إلى تراجع قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات, ويتضاعف الوجع حين تشير الأرقام ذاتها أن الأردن تراجع من مواقع متقدمة على مستوى العالم العربي, بمعنى أن هناك إنجازات ونجاحات خسرناها وفقدناها, وهي بالتأكيد محصلة جهود مخلصة قدمت سابقا ...لكن لا يزال لدينا أمل أن هناك جهدا مخلصا نتلمسه في الحكومة الجديدة قد ينشئ روافع جديدة تنهض بالقطاع من جديد وتعيد الأردن إلى مواقعه المتقدمة والتي نؤمن من واقع خبراتنا العملية والعلمية انه يستحقها بجدارة.
ان الحكيم هو من اتعظ بنفسه من نفسه, ونحن على أبواب عام جديد, فإن أكثر الأمنيات إخلاصا تكون بالنظر إلى ما مضى نظرة المستخلص دروسه, والتحديق نحو القادم بروح التفاؤل والعزم على العمل.
ومن هنا, واستطرادا على ما انتهينا إليه من حديث, فإنني أتقدم بأطيب الأمنيات بعام جديد, أعاده الله علينا بالخير واليمن والبركات, حمى الله الأردن, وحمى الله الملك.