(3) رسائل من اسكتلندا ..!

تم نشره السبت 20 أيلول / سبتمبر 2014 02:11 صباحاً
(3) رسائل من اسكتلندا ..!
حسين الرواشدة

على مدى الأسابيع الماضية وقفت بريطانيا على قدم واحدة بانتظار نتائج الاستفتاء الذي جرى في اسكتلندا للتصويت على الانفصال، لم يخف أغلبية البريطانيين - ومعهم دول أوروبية اخرى- هواجسهم من أن تصب النتيجة في اتجاه (نعم) لكن حين وضعت الصناديق (أوراقها) تفاجأوا بأن 55% من سكان ايرلندا قالوا : لا للانفصال.
موعد اجراء الاستفتاء جاء متزامنا مع الذكرى ال(700) لمعركة
(بانوك بيرن) التي انتصر فيها الاسكتلنديون على الانجليز، لكن ماجرى بعد (400) عام على هذه الحرب دفع لندن وجلاسكو الى توقيع (وثيقة الاتحاد) لتتشكل بريطانيا العظمى التي انضمت اليها فيما بعد ويلز وايرلندا الشمالية.
العلاقة بين انجلترا واسكتنلدا تاريخيا ليست على مايرام، لكن مع تنامي الاحساس (بالهوية) لدى الاسكتلنديين ومع اكتشاف المزيد من النفط و الغاز في بحر الشمال، ومع أخطاء (لندن) السياسية المتكررة وسوء توزيع الثروة اندفع سكان اسكتلندا (5 ملايين) للمطالبة بحسم هذه العلاقة، رغم أنهم كانوا يتمتعون بمجلس نيابي محلي منتخب وباستقلال في ادارة شؤونهم العامة
(باستثناء الدفاع و السياسة الخارجية والاستثمار في الطاقة).
التصويت (بلا) على الانفصال سدّ الطريق - مؤقتا- أمام (رغبات) الايرلنديين في الشمال - الكاثوليك تحديدا- للمطالبة بالاستقلال، كما انه اوقف بعض الاصوات التي تتردد في ويلز للسعي الى الانفصال، أما على الصعيد الاوروبي فإن أصوات الانفصال التي كانت تثير رعب بعض الدول (ايطاليا وبلجيكا وربما فرنسا واسبانيا) فقد (تصمت) قليلا..تماما كما حدث في (كندا) حين حاولت مقاطعة (كوبيك) التي تتمسك بهويتها الفرنسية الاستفتاء على الاستقلال لكنها فشلت في تحقيق ذلك.
الحدث - بالطبع- بريطاني، لكن أصداءه وصلت الى اوروبا بحكم الخوف على مصير الاتحاد والخوف أيضا من (عدوى) الظاهرة، لكن ماذا عن الاصداء في عالمنا العربي الذي يعاني من (الصراع) على الهوية، ومن تنامي الدعوات للانفصال، في ظل ما يجري من (عبث) لتفجير حالة
(التنوع) التي تحولت - للأسف- من نعمة الى نقمة!!
إذا دققنا في الرسائل التي وصلتنا من(أدنبره)، سنجد أننا أمام ثلاث ملاحظات: الاولى أن هواجس البحث عن الهوية لا تتعلق فقط بشعوبنا العربية وإنما أصبحت (قضية) عالمية، خاصة في ظل اندفاع العولمة وعدم قدرة الدولة على (خدمة) مواطنيها على أساس العدالة والمساواة، ومع ان تلك الشعوب أقل من شعوبنا العربية إحساسا بهذا الظلم إلا أنها (تململت) للمطالبة بالاستقلال، ودقت أمام حكوماتها (نواقيس) الخطر. الملاحظة الثانية، أن تلك الدول لم تواجه هذا (التمرد) بالقمع والتخوين والشيطنة، وانما تعاملت معه بمنطق (الديمقراطية) فلا وحدة بالاكراه، كما انه لا انفصال ( بالعنف) وهو درس يجب أن نتعلمه ونتوافق على الأخذ به، اما الملاحظة الثالثة فهي أن الدول الغربية التي تسببت في (تمزيق أمتنا) وتقسيم دولنا، ومازالت تتعاطف مع دعوات ( الانفصال) في بلداننا، استنفرت لمطالبة الاسكتلنديين بالتصويت ضد (الانفصال)، وبالتالي فإنها كشفت عن وجهها الحقيقي ومعاييرها المزدوجة، فهي مع (الوحدة) اذا كانت تتعلق بها وتخدم مصالحها، ومع الانفصال اذا كان في دول اخرى لا مصلحة لها في وحدتها.
هل وصلت أصداء هذه الرسائل الى شعوبنا وحكوماتنا العربية؟ ارجو أن يكون قد حدث ذلك، لكن يبقى لدي اشارتان: إحداهما ان من واجبنا أن نفكر جديا في (مسألة) الهوية لكي تتجاوز ما ألفناه من تعريفات لها، وما يمكن أن تثيره هذه التعريفات من (فزاعات) للتشظي والصراع وربما للانفصال، واعتقد أن التوافق على مسألة المواطنة والدولة في ظل الديمقراطية الحقيقية هو المخرج من هذه الاشكالية، أما الاشارة الثانية فهي ان ما فعله
(الاسكتلنديون) يجب ان يلهمنا الى ضرورة الاصرار على الوحدة، مهما كانت مبررات الانفصال، وأن يغذي داخلنا مشاعر الاحساس ( وهو موجود أصلا) بأننا أمة واحدة... ومن مصلحتنا أن نبقى كذلك.

(الدستور 2014-09-20)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات