اكاديميون يدعون الى تحصين الجبهة الداخلية لمواجهة خطر الارهاب

المدينة نيوز - اوضح اكاديميون وباحثون ان الاردن يمتلك العزيمة والاصرار والارادة في التعاطي مع مختلف المخاطر والتحديات نتيجة لتنامي نشاط الجماعات الارهابية بالمنطقة .
واكدوا لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان الجبهة الاردنية الداخلية صلبة وراسخة نتيجة لما يسود هذا البلد من حرص على المستويات كافة - من اعلى الهرم الى قاعدته- على التوعية والتثقيف وارساء قواعد الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحريات ما رسخ من وحدته الوطنية وحصّن جبهته الداخلية .
وقال استاذ العلاقات الدولية في الجامعة الاردنية الدكتور حسن المومني ان الاردن استطاع تاريخيا التعامل مع مختلف المشكلات التي تعصف بالمنطقة مثل الصراع العربي الاسرائيلي وانعكاساته اضافة الى ما برز من تنظيمات متطرفة في المنطقة .
واضاف ان الاردن انتقل الى خطاب يتعاطى مع هذه المخططات بواسطة مبادرات في تحرك دؤوب تجسّد في تأمين الاستقرار والحياة السياسية بالرغم من ان الاردن يعيش في اقليم متوتر غير مستقر منذ سنوات .
وبين ان من اسباب قدرة الاردن في التعاطي مع الصراعات والتنظيمات الارهابية هو وجود القيادة الهاشمية الحكيمة والخطاب السياسي المعاصر وفي قدرته وجهوزيته الامنية الاستخبارية والعسكرية العالية المستوى، اضافة الى وجود مواطن واع منتمٍ الى نسيج اجتماعي متكامل غير ممزق.
وزاد المومني ان الاردن لديه شبكة متينة من العلاقات والتحالفات الدولية، مثلما تبنى مبادرات للتعامل مع هذه الاخطار اضافة الى الرسائل الملكية الواضحة عن هذه المخاطر الارهابية وهي دافع هام للمزيد من الاصلاح بتوافق وطني يعزز الوحدة الوطنية ويدفع عنه اي مخاطر خارجية .
وقال ان الاردن من اوائل الدول التي حاربت التطرف ونبذت العنف في العديد من خطاباتها , ومن خلال رسالة عمان ، وما دعت اليه الورقة النقاشية الخامسة في الاصلاح ومواجهة التحديات ومكافحة الفكر التطرفي، مشيرا الى ان الاردن يمتلك العزم والارادة في التعاطي مع المخاطر واستخدام وسائل فكرية كالاعلام والجامعات ودور العبادة لايجاد حالة رأي عام واع ، دون اغفال الاستخدام الفطن والواعي لوسائله العسكرية والامنية وقت اللزوم.
وقال أمين عام حزب الحياة الاردني ظاهر عمرو ان الاردن بلد آمن ومستقر بحكم موقعه الاستراتيجي، وما يتمتع به من قيادة هاشمية حكيمة، وشعب متعلم مستنير خاصة وان فكر التنظيمات الارهابية مثل داعش لا ينطلي على ابناء الامة , لكن ما يفوقها خطورة عوامل الفقر والبطالة والحاجة ملحة اليوم لايجاد الحلول الجذرية للاصلاح وتأمين حقوق المواطن ليشكل بالتالي قوة داخلية لمواجهة اي خطر خارجي .
واشار عمرو الى ضرورة ابراز الاعلام الاسلامي الهادف والجهات الدينية المعتدلة لمواجهة اي فكر متطرف، اضافة الى تجسيد الاصلاح الحقيقي على ارض الواقع بجميع اشكاله مع ربطه بتطوير الانظمة والقوانين.
واستبعد الكاتب الصحفي والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية محمد أبو رمان أن يكون هناك أي حضور لداعش في المشهد الأردني .
وأوضح ابو رمان وهو خبير في حركات الاسلام السياسي " ان الأيدولوجية التي يتبناها تنظيم داعش أصبحت منتشرة في التيار السلفي الجهادي في المنطقة ، وهناك نمو في تيار الشباب الراديكالي المتأثر بالظروف المحلية والاقليمية، والذي بات يؤمن بأفكار هذه التنظيمات" .
ولفت الى" أن محور القلق اليوم ليس مرتبطا بالعمليات الأمنية بالدرجة الأولى لهذا التنظيم، انما مرتبط بتنامي درجة الثقافة والمعتقدات والايمان بأفكار هذه التنظيمات المتطرفة لدى فئة من الشباب العربي والاسلامي " على حد قوله .
واشار الى أن الدولة الأردنية نجحت في الحد من خطورة داعش على المستوى الأمني، لكن مطلوب الاستمرار بهذا الدور في الجانب الثقافي والفكري لتجفيف منابع هذا الفكر، مبينا اهمية ادراك الحكومات المتعاقبة للجانب الثقافي والتوعوي وهو السد المنيع لمواجهة خطر مثل هذه التنظيمات الارهابية، فضلا عن ارتباط الاصلاح السياسي والشعور بتعزيز مبادىء العدالة وايجاد الحلول لمشكلات البطالة والفقر على المستوى المحلي ودحض وتفنيد أيدلوجية الفكر المتطرف.
وقال ان هناك حديثا اليوم عن تشكيل لجان لمحاربة الفكر المتطرف (محاربة الفكر بالفكر) لكن ما زال الحديث في اطار الاستعداد والتحضير، والدولة بحاجة الى بناء اطار يحتوي هذه المضامين ويدركها.
وركز أبو رمان على أن فكر التنظيمات الارهابية ولا سيما داعش هو نتيجة للظروف الاقليمية التي تشهدها المنطقة وليس سببا، وضرورة التعامل معها على هذا الأساس ، وأكد "أن الحلول لمواجهة هذه التنظيمات يكمن في اعادة النظر بالفكر السياسي للدولة الأردنية واعادة الاهتمام بالجانب الثقافي ، والعمل على اعادة بناء جسور الثقة بين الحكومات والمواطنين، وذلك من شأنه استنهاض الروح الوطنية في مواجهة مثل هذه الظروف".
نائب مدير المعهد الملكي للدراسات الدينية الدكتور عامر الحافي قال انه لا بد من ان نشعر بالمسؤولية المشتركة تجاه هذا الموضوع وهناك اسباب داخلية اسهمت في ظهور هذه الحركات في عدد من الدول ، فظهورها حديث جاء ضمن معطيات سياسية واجتماعية ووجود التفاوت الطبقي وضعف المشاركة السياسية في بعض هذه الدول ووجود انظمة سياسية لا تقبل التعددية في العديد منها ، وتكريس مفهوم احادية التفكير والشعور بالاضطهاد والظلم، كما ان وجود العدو الاسرائيلي اثر بطريقة نفسية لجهة تعزيز الشعور بالاضطهاد ، اضافة الى عوامل اقتصادية وسياسية واعلامية اسهمت في وجود الاسباب.
وأشار الى ان التوعية تبدأ بادراك اسباب المشكلة خاصة الداخلية ومن ثم تحليلها ومعالجتها من خلال تعزيز الخطاب الاسلامي وهي جزء من عملية الاصلاح التي يجب ان نقوم بها الان نحو خطاب اسلامي معاصر .
واشار الى ثقافة الكراهية والتكفير التي قامت بعض الدول العربية باستغلالها لمصالح سياسية من خلال دعم روح التكفير والطوائف الاخرى، وجاءت داعش لتعمل على تأسيس هذه الفكرة وبناء هذه الكراهية والبغضاء العميقة في نفوس هؤلاء الناس .
وقال الحافي ان الروح الوطنية هي جزء من هذا الخطاب الاسلامي المستنير الذي ندعو اليه لان الوطنية واجب من واجبات المسلم المستنير الذي يعرف حقوقه وواجباته ، والذي يجب عليه ايضا ان ينطلق من مفهوم المواطنة والاحساس بالمسؤولية والواجب تجاه وطنه ومجتمعه ، مشيرا الى ان المواطنة يجب تعزيزها في الخطاب الاسلامي .
ونوه باهمية تعزيز بناء المجتمع المدني القائم على المساواة في الحقوق والواجبات بين ابناء البلد الواحد دون تمييز وتعزيز الجبهة الداخلية للوطن ، وتكافؤ الفرص والمساواة والتكافل الاجتماعي، والروح الوطنية لدى الشباب وتعزيز مفهوم المواطنة لديهم بالقضاء على كل اشكال الفساد ، وهناك العديد من المكتسبات والانجازات في هذا البلد الآمن المستقر والتي يجب المحافظة عليها .
وقال القيادي في حزب جبهة العمل الاسلامي ومسؤول الملف السياسي في مبادرة زمزم الدكتور نبيل الكوفحي ان الازمة التي تعيشها الأمة العربية والاسلامية في الوقت الراهن متشعبة وليست محصورة باتجاه واحد، مضيفا ان الأمة تعاني من حالة ترد في جميع مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية نتيجة وجود حالة ضمور في تجديد الفكر على حد تعبيره.
وأوضح أن الفكر المتطرف هو وليد ردود فعل وليس فكرا أصيلا بصفة عامة ، كما ان " الفوضى الطائفية " وفقدان الأمل في أي تطور حقيقي على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة ، ساهم في حضور هذا الفكر, فكريا وماديا وعسكريا على الساحة العربية على وجه الخصوص.
واستبعد الكوفحي أي تهديد حقيقي لتنظيم (داعش) الارهابي على الأردن، مؤكدا في الوقت ذاته عدم وجود تجذر للتنظيم على المستوى المحلي ، لكن يمكن أن تسهم الظروف الاقتصادية الصعبة وحالة الضنك والشعور بانعدام العدالة الاجتماعية التي يعيشها العديد من أفراد المجتمع في بعض مناطق المملكة في تشكيل حواضن لهذا الفكر في لحظة ما على حد قوله.
وركز الكوفحي على ضرورة مواجهة الفكر المتطرف والتنظيمات الارهابية التي تشوه صورة الدين الاسلامي من قبل الدعاة ورجال السياسة والاعلام وصناع القرار، عبر طرح حقيقة دين الاسلام ورسالته السمحة، والعمل على تمتين ركائز الاصلاح وقواعد الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية والشفافية والحريات.