هل سيصبح الأردن غابة سلاح؟

تم نشره الخميس 09 تشرين الأوّل / أكتوبر 2014 03:52 مساءً
هل سيصبح الأردن غابة سلاح؟
د. محمود أبو فروة الرجبي

في الأردن أزمة حقيقية نعانيها بسبب عجز أو تراخي الدولة عن منع السلاح غير الشرعي. وحتى السلاح الشرعي- والمقصود به ذلك المرخص من قبل الأجهزة الأمنية - تدور حوله تساؤلات كثيرة أقلها: لماذا يتم ترخيص أسلحة بهذه الكثافة؟ وهل فعلاً يتم تسهيل الترخيص لأشخاص معينين بناء على معادلات غير دستورية؟

يعيش الأردن في أمن وأمان نسبياً، وبشكل أفضل من محيطه، ومع ذلك فإنك تصاب بالدهشة وأنت تشاهد إطلاق النار في الأعراس والمناسبات المختلفة، وتستغرب حينما تسمع قصصاً عن إطلاق رصاصة في عرس يتم على إثرها إلقاء القبض على العريس ووالده، بينما تتحول بعض الأعراس الأخرى إلى ساحة حرب حقيقية تطلق فيها صليات الرشاشات، وقد لا يحصل أي إجراء اتجاه أهل هذا العرس.

هذا الأمر أصبح مصدراً للتفاخر في الأردن، ويدل على القوة والنفوذ، فمن يلقى القبض عليه يكون من الناس العاديين، ومن يفعلها ولا يحصل له شيء، فهو من أصحاب النفوذ، ومن العائلات التي تعد نفسها فوق القانون.

نعترف أن الثقافة الأردنية التقليدية تحفز على امتلاك السلاح، والأردن يعيش في وسط مضطرب يجعل الناس تعيش قلق الحاضر، والمستقبل، ولكن ذلك كله لا يبرر مخالفة القانون، وجعل السلاح متاح للجميع، بحيث يصبح مصدر خطر في الأحوال الاستثنائية، بل وحتى الاعتيادية.

أمام هذه المعضلة لدينا خياران: أن نختار الدولة المدنية الدستورية التي تعامل الجميع بمساواة، وتعمل على حصر السلاح بالدولة، وتضع أسس صارمة لترخيص السلاح يطبق على الجميع بشفافية وعدالة، أو أن نكون دولة عشائرية تعامل فلان بأسلوب، والآخر بأسلوب آخر، أو ما يمكن إطلاق عليه سياسية (العصا القاسية، والعصا الطرية)، الطرية للموالين، والأحباب، وعظام الرقبة، والقاسية لغيرهم.

اعرف أن تطبيق القانون في الأردن قد يكون صعباً في بعض الظروف، خاصة في ظل العشائرية، والمناطقية التي نعيش بها، وسبب عدم تفاؤلي بهذا التطبيق ما نسمعه من قصص حول التمييز في تطبيق القانون في بعض الأحيان، فهناك قصص شائعة في المجتمع عن شرطة السير مثلاً، وكيف يتصرف رجل السير في بعض الأحيان بمعيارين: الابتسام وعدم المخالفة مع أبناء منطقته، او أقربائه، بينما يتحول إلى مهني من الطراز الأول، يطبق القانون بحذافيره مع الآخرين، وقد ينطبق هذا الأمر نفسه على تطبيق القانون من ناحية السلاح، وللأسف فأنا شخصياً لدي قصص حصلت أمامي، وتدل على ذلك.

يجب ان نعي الدروس من المحيط الذي نعيش فيه، ولا طوق نجاة لنا الا بالعدالة في تطبيق القانون، خاصة في موضوع الأسلحة الخطر جداً، كي يشعر المواطن بالأمان الحقيقي، ولا يشعر بعض الناس أنهم فوق القانون، فيخالفونه بافتخار، ومع مرور الوقت تزداد مخالفتهم للقانون حتى يصلوا إلى حد لا تستطيع الدولة نفسها أن تقف في وجهه.

الأردن يستحق أن يكون دولة مدنية، ولا خيار لدينا سوى محاولة تطبيق القانون، رغم أن هذا الأمر قد يكون صعب المنال في ظل القوى المتصاعدة لأصحاب أجندة الاستثناءات، وقوى الشد العكسي التي يبدو أنها تحقق انتصارات على الأرض منذ سنوات.

السلاح خطر. والوقوف بوجهه يعني أننا نسير على الطريق الصحيح. فهل نحن متعظون؟



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات