الحرص على جمال اﻻلفاظ
قرأت بيتا من الشعر في (درة الغواص في اوهام الخواص للحريري) وتعليقه عليه :
لم يكفك الهجر فأهديت لي***تفاؤﻻ بالسوء لي سوسنة .
أولها سوء وباقي اسمها***
يخبرأن السوء يبقى سنة .
وعلق الحريري ابو القاسم وهو النحوي اللغوي النحرير فقال : ﻻيجوز ان نقول (سوسنة) بضم السين اﻻولى ، بل يجب فتحها ، حرصا على الجمال وبعدا عن ان تكون اللفظة تعني سوء سنة ، فأوجب الفتح .
وقال هذا كذلك في الفاظ أخرى :
روشن . جوهر . جورب . كوثر .تولب .... وكل ما كان على وزن فوعل فيجب فيه فتح الحرف اﻻول منه ؛ إﻻ في كلمة (جؤذر) فبالضم للجيم ، والجؤذر الغزالة الصغيرة ويسميها بعضهم (الخشف ) .
قلت ان الحرص على التعابير الجميلة ليس بدعا من امام اللغة الحريري رحمه الله وانما هو امر ثابت عند الجذوريين من جهابذة اللغة وأئمتها نن أقدم العصةر وقبل الحريري ، فمن القواعد الجمالية في لغة الجذور ان كل ياء ساكنة مكسور ماقبلها،او واو ساكنة مضموم ماقبلها(وهمازائدتان للمد ﻻ لﻻلحاق وﻻ هما من نفس الكلمة )فإننا نقلب الهمزة بعد الواو واوا وبعد الياء ياء وتدغم ،فنقول :
مقروء : مقرو ، بتشديد الواو .
وفي خبيء : خبي بتشديد الياء .
وفي خطيئة خطية بتشديد الياء ايضا .
وأكدنا اكثر من مرة في مقامات شتى ان من جماليات لغتنا لغة الضاد ، أﻻ يجتمع فيها السين مع الذال وﻻ الصاد او الزاي مع الذال .
واذا ما وجدت ذلك في لفظ فاعلم أنه غير عربي مثل : استاذ وسذاب وساذج .
وﻻ تجتمع الجيم مع الصاد في لفظ عربي أيضا ، واﻻجاص لفظ فارسي وعربيته الكمثرى ؛ كذلك الجص ؛ والزاي ﻻ تاتي بعد حرف الدال في شيء من كﻻم العرب وكلمة(دزني ) ليست عربية ؛ والراء ﻻ تاتي بعد حرف النون ، وكلمة نربيش غير عربية وﻻ كلمة النرد ؛ أما الفعل ( نرد ) بتشديد الدال ففعل عربي ﻻن النون ليس اصلية من الفعل انما هي نون المضارعة .
وانظر الى الحكاية التالية يارعاك الله متأمﻻ روعة لغتنا وجمالها :
سئل الخليل بن احمد الفراهيدي لماذا تقولون في تصغير ( واصل ) ، ( أويصل) وليس(وويصل) على القياس ؟ فقال رحمه الله :
نفعله كي ﻻ يشبه كﻻم العرب نباح الكﻻب !!!
وفعﻻ لو لفظ المتحدث واوين متتاليتين ﻷشبه صوته نباح الكلب في جزئية صغيرة جدا من جزئيات كﻻمه ؛ فهﻻ أدركنا مناحي الجمال في لغة القرآن الكريم ؛ وكيف حرص مشايخ اللغة على حمايتها وصيانتها والحرص على الجانب الجمالي فيها ؟
وآخر دعواناأن الحمد لله رب العالمين.