كيف يفكر وزير المالية؟
ليس من السهل تصور الحالة التي يمر بها وزير المالية محمد أبوحمور، الذي تسلم وزارته في ظروف صعبة للغاية، على رأسها حالة الركود التي تعاني منها القطاعات الاقتصادية المختلفة، وسط توقعات بتراجع الإيرادات الضريبية التي يعتمد حجمها بالأساس على النشاط الاقتصادي.
أول الخطوط الحمراء التي تجاوزها الوزير، يتمثل بتأجيل الالتزام بقانون الدين العام حتى 2012، والذي كان يفترض أن يطبق منذ مطلع العام الحالي بحيث لا يتجاوز حجم إجمالي الدين ما معدله 60 % من الناتج المحلي الإجمالي، حيث يتوقع أن يتجاوز الدين خلال العامين المقبلين هذه الحدود الآمنة.
القرارات المتوقعة من أبو حمور تنبع من فكرة زيادة حجم إيرادات الخزينة للحد من تفاقم عجز الموازنة، وتقليص اللجوء للاقتراض.
معرفة الطريقة التي يفكر بها الوزير يمكن استسقاؤها من المعطيات الراهنة، فمن الممكن أن يلجأ إلى إلغاء الإعفاءات التي منحت خلال العام 2008 على المواد الأساسية، وإلغاء الإعفاءات المتخذة من قبل مجلس الوزراء وغير المحددة بمبلغ أو مدة لبعض الشركات.
كما أن تفكير الوزير قد يذهب باتجاه فرض ضريبة خاصة على البنزين جراء تعديل قانون ضريبة المبيعات العامة، إضافة إلى تعديل الضريبة الخاصة على الخلوي والبالغة حاليا 4 %، وزيادة ضريبة المبيعات الخاصة على السجائر.
سيناريوهات أخرى محتملة قد يلجأ إليها الوزير، وجميعها توفر إيرادات مالية منها رفع الضريبة على البنزين أوكتان 95، وفرضها على السيارات الهجينة، وزيادة الضريبة الخاصة على المشروبات الروحية وزيادة إضافية على الضريبة على السجائر.
ويمكن للوزير أن يفكر بفرض بدل خدمة على الشاحنات نظير التتبع الالكتروني وزيادة عوائد الحكومة من الاتصال الدولي.
هذه الأفكار يمكن أن توفر نحو 280 مليون دينار إيرادات إضافية عن تلك المقدرة في مشروع موازنة 2010 التي أقرتها الحكومة كقانون مؤقت، حيث يصل إجمالي قيمة الإيرادات المحلية نحو 4.7 بليون دينار، بعجز مقداره 685 مليون دينار.
وهذه السبل كفيلة بحل جزء من الضائقة المالية للخزينة، بيد أنها بالتأكيد ستضيق الخناق على المواطن وعلى المستهلك اللذين يعتبران المصدر الرئيس لموارد الخزينة من الضرائب.
ويمكن أن تحقق المالية العامة انتصارا فيما لو لجأت إلى تنفيذ هذه الأفكار، وقد تتمكن من تقليص العجز، لكنها في الوقت نفسه ستزيد من معاناة الفرد وعجزه تجاه الوفاء بالتزاماته تجاه أسرته وحياته اليومية.
أكيد أن إقرار هذه البنود سيخدم خطط الحكومة المالية، لكنه بالتأكيد سيفقدها شعبيتها لدى شرائح واسعة من المجتمع أنهكها دفع الضرائب، إلى جانب أنها ستقدم الحكومة الحالية كغيرها من الحكومات السابقة بصورة "الجابي" من خلال انتزاعها الإيراد من جيوب المواطن.
سلبية اللجوء الى هذه الفرضيات كبيرة وتتمثل بأنها تميط اللثام عن وجهة الحكومة الحالية، التي سعت للظهور في بداية عهدها بصورة إيجابية من خلال قانون الضريبة المؤقت الذي أعفى 95% من الأفراد من ضريبة الدخل.
على وزير المالية بشكل خاص، والحكومة بشكل عام، أن يبتعد عن فكرة جباية الضرائب من جيب المواطن، وعلى الطاقم الوزاري التفكير بروح الفريق الواحد من أجل وضع تصورات تضع الخطوط العريضة لنبدأ مرحلة وشكلا جديدا من السياسات المالية لا تعتمد على شخص الوزير ورؤيته الخاصة، وتبتعد عن جيب المواطن كسبيل وحيد وأزلي لمواردها المالية.