موعد قاتل

تم نشره الأربعاء 29 تشرين الأوّل / أكتوبر 2014 10:21 مساءً
موعد قاتل
مريم التيجي

نقص وزنها كثيرا، و تزايدت حدة آزماتها..كانت تشعر عند بداية كل أزمة انها لن تعيش بعدها..
حملها الجيران مرة أخرى الى قسم المستعجلات، بعد انتظار، بحثت في ارجاء الغرفة الباردة عن ذلك الطبيب الذي ابيض شعره..كان يمشي في الممر قبل قليل، تمنت أن يكون هو من يعاين حالتها هذه المرة..خابت أمنيتها عندما تقدم منها شاب صغير لا تعرف إلى أي سنة دراسية وصل، فقد تعودت منذ اشتداد أزماتها أن يحيط بها عدد من المتدربين ويتفقون على بضعة مسكنات قبل أن يكتبها أحدهم في تلك الورقة، و أحيانا يضعون لها انبوب الاوكسجين في أنفها، لتعود الى بيتها بعد ذلك..
هذه المرة اختلف الامر، طلب منها طبيبها الصغير أن تذهب صباحا الى المركز الصحي في حيها "باش تبع"..
حرصت الطبيبة في المركز الصحي أن تحافظ على مسافة أمتار بينها، و طرحت عليها بضعة أسئلة، ثم طلبت منها أن تذهب ل"سبيطار البويبة" لتجري فحوصات بالأشعة، وتعود بعد ذلك..
خرجت تستند الى الجدران، و تجلس بصعوبة كلما توقفت أنفاسها ، رآها أحد جيرانها، مد لها منديلا ورقيا لتمسح العرق الذي غطى صفحة وجهها الذابلة، تطوع ليوصلها الى البيت، ثم يذهب الى مركز الفحص ليأخذ لها موعدا..
لم يتأخر كثيرا، لكنه عاد أقل حماسة، تجنب ان ينظر الى عينيها وهو يخبرها أن موعدها بعد شهرين..
شكرته، وأخذت الورقة التي كتب عليها موعد الفحص، وضعتها جانبا، دست رأسها في غطائها، انسابت دمعة ساخنة..كانت تعرف أنها لن تعيش الى هذا التاريخ، لن تفلتها إحدى الازمات القريبة التي تزورها كل مساء..تدكرت أحبتها وجيرانها وودعتهم في سرها فيما انسابت دموعها بصمت ..
كان شهيقها حادا تلك الليلة، أيقض جارتها التي تحرص على ان تبقى قريبة منها حتى تلقنها الشهادة عندما تعتزم الرحيل..كانت تتألم أكثر من كل المرات السابقة، "لا يمكن أن نتقرج عليها وهي تنتفض مثل ديك ذبيح..اطلبوا الاسعاف بسرعة..ايقظوا جارنا في المنزل المقابل ليقلها بسيارته الى المستشفى.." كانت تسمع اصواتهم التي ظلت تتلاشى وتبتعد ..
بسرعة، اختطفها طبيب المناوبة، حملها كطفلة بين دراعية، و سار بها الى قسم العناية المركزة، طلب النجدة من زملائه وهو يغيب خلف الممر البارد..مر زمن لم يستطع أحد ممن رافقها أن يقدره، عاد اليهم وهو يحتج "لم تركتموها الى ان وصلت الى هذا الحد..؟
ناوله جارها الطيب كيسا بلاستيكيا أبيض مليء بالاوراق "لقد كنا نأتي بها باستمرار الى قسم المتستعجلات، اليوم دهبت الى مستشفى الحي، واعطوها موعدا لاجراء الفحوصات..
لاذ الطبيب بالصمت وهو يقلب الاوراق، ظهرت عليه علامات الغضب وهو يلملمها ويعود الى الداخل..رمى بها أمام زميله وهو يقاوم رغبة في البكاء، صرخ وهو يتأمل وجهها من خلف الزجاج "ضحية أخرى قد تموت بلا سبب معقول، عليهم أن يضيفوا الى أسباب الموت في بلادنا مواعيد المستشفيات..الدواء الذي كان يمكن أن يشفيها يرمى جزء من مخزونه سنويا بعد أن تنتهي مدة صلاحيته..الدواء يفسد ويرمى بعد شرائه بمبالغ طائلة، و الناس تموت قبل أن تصل اليه..."
عم سكون مرتعب، فيما كانت تقاوم لترى شمس الصباح...



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات