سياسيون : تحصين الجبهة الداخلية ضرورة وطنية وقوة منيعة في مواجهة التحديات

المدينة نيوز:- جاء تأكيد جلالة الملك عبد الله الثاني في خطاب العرش السامي الاحد الماضي على المواطنة الفاعلة في تحصين الجبهة الداخلية، يحمل في طياته عدة اشارات تتمثل بان تكون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار من خلال الالتزام بالقانون ونبذ العنف المجتمعي , وصد اي محاولة لاختراق وحدة ووئام المجتمع , والتنبؤ بالاخطار الخارجية ومواجهتها.
وقال سياسيون واكاديميون لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان المواطن بصفته جزءا من مقومات الدولة يقع عليه واجب تعزيز التلاحم الوطني ليبقى الاردن حصنا منيعا وقويا ومستقرا في ظل حالة العنف وعدم الاستقرار الاقليمي الذي تعيشه المنطقة .
وزير الشؤون البرلمانية الاسبق شراري الشخانبة قال ان جلالته ومن خلال خطاباته المستمرة ينير الطريق نحو المستقبل الافضل , لهذا جاء حديث جلالته عن المواطنة الفاعلة والتي لا تكون المشاركة السياسية ذات أثر إيجابي إلا حين يؤمن كل فرد منا بتلك المواطنة التي ترتكز على ثلاثة أسس رئيسة هي : حق المشاركة ، وواجب المشاركة ، ومسؤولية المشاركة الملتزمة بالاحترام المتبادل .
واضاف ان المواطنة الفاعلة تؤدي الى تعزيز الثقة والتفاهم بين مكونات النسيج الاجتماعي , والبناء على نقاط القوة , مشيرا الى انه وباللحمة الوطنية والتآلف والاتفاق بين جميع شرائح المجتمع والابتعاد عن الخلافات الجزئية والنظر الى القضايا الوطنية نستطيع ان نحقق مزيدا من الانجاز مستقبلا بوضع قواعد اساسية في مختلف المجالات يتم العمل والبناء عليها للوصول الى التقدم المنشود .
واوضح الشخانبة ان المواطنة واحترام سيادة القانون متلازمان وكل منهما يكمل الآخر يضاف اليهما الجبهة الداخلية المتينة التي عبرت بالاردن نحو بر الامان خلال الاحداث التي عصفت بالمنطقة الامر الذي ميز الاردن عن غيره بما امتاز به المجتمع الاردني بجميع شرائحه من وعي وشعور بالمسؤولية والتفافهم حول القيادة الهاشمية الحكيمة ذات النظرة الثاقبة .
واشار الى اهمية تفعيل دور الأفراد ومشاركاتهم المتنوعة في سائر حقول الحياة اليومية للوطن اضافة الى توسيع مدى الفرص المتاحة للفرد ضمن العدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين وعبر تحفيز العمل الجماعي .
وقال الوزير الاسبق المهندس منير صوبر ان جلالته أكد في خطابه أهمية تمكين الجبهة الداخلية التي هي الاساس للنهوض بالوطن من خلال تعزيز الوحدة الوطنية والعدالة والنزاهة والمشاركة الحقيقية بين مختلف فئات الشعب .
وأضاف ان منعة واستقرار الاردن تتم بتكاتف الوحدة الوطنية وممارسة المواطنة الفاعلة بين مختلف أطياف الشعب الاردني، والابتعاد عن التعصب الاعمى .
واشار صوبر الى اهمية تفاعل المواطنين في المشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية , ونبذ العنف والابتعاد عن الفكر التكفيري الذي يسيء للاسلام والمسلمين، ومحاربة التطرف بجميع أشكاله، مبينا ان الخطاب كان متكاملا وموجها للشعب الاردني وللعالم أجمع.
الباحث في قضايا المواطنة الدكتور فيصل غرايبة قال ان جلالة الملك في خطبة العرش القى الضوء على مفهوم المواطنة الفاعلة والمحافظة على الجبهة الداخلية بان تبقى محصنة , باعتبار ان هذين المفهومين هما مصدر منعة الأردن , موضحا ان المواطنة هي الإطار الجامع لتفاعل المواطن مع وطنه، ومع المواطنين ضمن الدائرة الوطنية للدولة المحددة في جغرافيتها السياسية ومركزها القانوني وطبيعتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية .
واضاف ان المواطنة ليست ولاء عاطفيا وانتماء للوطن فحسب، بل هي انتظام عام له محدداته وأبعاده في حياة الناس الذين ينتمون إلى مجتمعنا ، تلك المحددات المتمثلة في المساواة في الحقوق والواجبات، وإعلاء قيمة الحرية وتطبيق مبادئ الحريات العامة والخاصة وقواعدها، كحرية التملك والتنقل والمحافظة على الأموال وحرية المعتقد، وكذلك الهوية الوطنية الواحدة المتمثلة باللغة والرموز والأعراف والعادات والعلاقات الاجتماعية، بالاضافة الى التنمية الشاملة في إطار العدالة .
واوضح ان المواطنة الفاعلة هي تجسيد لقيم العدالة والحرية لتأطير المواطنة وحقوق الإنسان والديمقراطية باعتبار أن الديمقراطية فلسفة حياة وثقافة إنسانية , وممارسة عملية على أرض الواقع من قبل المواطن، تتحقق تماشيا مع انتشار ثقافة المواطنة، التي تتضمن ثقافة الحقوق والواجبات والولاء والانتماء للمجتمع والوطن والدولة، وتقر بحق المواطن في إدارة الشأن العام للمجتمع.
وبين الدكتور غرايبة ان فكرة المواطنة تقوم على أركان : المساواة في الحقوق والواجبات وفقا للقانون وبدون أي تمييز بين المواطنين ، والحرية باعتبارها ضمانة للحقوق الديمقراطية السياسية , والهوية الوطنية التي تحافظ على المساواة والحرية واحترام حقوق الأغلبية والأقلية ، والعدالة التي تنشر التنمية المستدامة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وتستند إلى الحريات والحقوق المدنية والسياسية.
وتابع الدكتور غرايبة ان جلالة الملك اكد في خطبة العرش أن المواطنة الفاعلة لا تستقيم إلا في ظل حرص أطراف العملية الاجتماعية وشركائها كافة على موازنة الحقوق بالواجبات , موضحا أن تفعيل المواطنة يتطلب عملا دؤوبا تشارك فيه جميع الأطراف والتيارات، وتأخذ في الحسبان مواصلة الجهود لاستئصال كل صور الفساد والقيام بالإصلاحات السياسية الضرورية لدفع عملية التحول الديمقراطي بما يضمن آليات تكفل رقابة مؤسسية ومساءلة على الصعيدين السياسي والقانوني.
كما تمكن جميع المواطنين من ممارسة حرياتهم السياسية والمدنية،الفردية والجماعية، والحصول على المعلومات من مصادرها الأولية ،من جهة ، والعمل على التوزيع العادل للثروة، والارتقاء بالمؤسسات الفكرية والثقافية والتعليمية، بما يمكنها من ترسيخ قيم المواطنة ونشر ثقافة التسامح.
وقال ان الانتماء الوطني حالة من الفعل الايجابي لا السلبي، ومشروع نهضوي لبناء الوطن وتعزيز فرص الانتماء الوطني والولاء لقيادتنا الهاشمية الحكيمة،وممارسة حياتية يومية دائمة ومستمرة،وليس شعارا يرفع , إنما برنامج عمل لشباب وشابات الأردن يقترن فيه القول مع العمل، ويقوم على التمسك بثوابتنا الوطنية والقومية والحضارية، ومن خلال برامج مدرسية وجامعية لامنهجية .
ونوه باهمية تعميق مفاهيم الولاء والانتماء الوطني في نفوس الشباب والشابات،مع الاهتمام بالمجالس والاتحادات الطلابية والشبابية وتعميق الممارسة الديمقراطية في أوساطها والعمل على توفير السبل لضمان أوسع مشاركة فيها، وتوجيه نشاطات الأندية والمنتديات الشبابية والملتقيات الثقافية لتمثل مفاهيم المشاركة، وممارستها في بناء الوطن النموذج، وفي صنع القرار المتعلق بحياتنا حاضرا مستقبلا، وحماية مكتسبات الوطن وإدامتها ، وذلك على منهج الوسطية والاعتدال والعقلانية والواقعية، والمحافظة على الانضباطية والحرية المسؤولة، والتحلي بالجماعية والغيرية، فمصلحة الفرد تتحقق من خلال المجموع .
الامين الاول لحزب الشعب الديمقراطي الاردني (حشد) عبلة ابو علبة قالت ان خطاب العرش السامي ربط بين ضرورات تطبيق المنظومة الاصلاحية واهمية الالتزام بها وبين توحيد ومنعة الجبهة الداخلية, في هذا يمكن فهم اهمية ممارسة المواطنة الفاعلة , بمعنى المشاركة في بناء الحياة السياسية والاقتصادية في المملكة بالقدر الذي يتيحه مشروع الاصلاح نفسه وتوجيه الاهتمام بالاولويات والاستجابة للمطالب الشعبية والاقتراب من هموم الناس اليومية .
واضافت ان التوافق الوطني الداخلي يحتاج الى إرادة سياسية في الإصلاح الشامل لان ذلك يشكل قاعدة رئيسة في تمتين الجبهة الداخلية من اجل حماية الوطن ومواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها الدولة.
استاذ العلوم السياسية في جامعة مؤتة الدكتور رضوان المجالي قال ان خطاب جلالة الملك جاء رسالة شاملة تحمل في طياتها دلالات ومفاهيم ركزت على ضرورة تحصين الجبهة الداخلية وتعزيز التلاحم الوطني ليبقى الاردن منيعا وقويا ومستقرا في ظل حالة العنف وعدم الاستقرار الاقليمي الذي تعيشه المنطقة .
واضاف ان جلالته ركز في خطابه على مفهوم المواطنة الفاعلة الذي يحمل العديد من الاشارات اولها : ادراك ضرورة الاهتمام باولوية تحقيق مصلحة الوطن وان تكون فوق كل اعتبار , ثانيا ضرورة تكثيف الجهود لتحقيق مشاركة اكثر في الحياة السياسية والاقتصادية , ثالثا اهمية تحقيق المواطنة من ناحية نبذ جميع الممارسات السلبية وحالة العنف واللاوعي الاجتماعي وصد اي محاولة لاختراق الوحدة والوئام داخل المجتمع والتنبؤ بالاخطار الخارجية ومواجهتها من خلال تعزيز وتحصين الجبهة الداخلية .
واشار الدكتور المجالي الى ان المواطنة تستدعي تعزيز منظومة العمل الوطني والحوار واحترام جميع الافكار والاراء والافراد وان يعمل كل فرد المطلوب منه دون تقصير .
وقال مدير مركز الجسر العربي لحقوق الإنسان الدكتور امجد شموط ان تركيز جلالة الملك عبد الله الثاني في خطاب العرش السامي على ان مصدر منعة الأردن هو جبهتنا الداخلية القوية لان وحدة الصف تقودنا الى الحفاظ على الهوية الوطنية الجامعة في اطار سيادة القانون ودولة المؤسسات ما يسهم في تعزيز هذه الجبهة وبقائها موحدة في مواجهة التحديات.
واضاف ان الالتفاف حول القيادة الهاشمية وخاصة في ظل هذه الظروف هو صمام الامان والسلاح القوي الذاتي إذ ان لكل دولة مصادر قوة وقوة الاردن في وجود هذه القيادة وشرعية الحكم واحترامه وتعزيزه كاحد المكونات والعناصر التي تسهم في تمتين الجبهة الداخلية.
واشار الدكتور شموط الى ان الجبهة الداخلية تعتمد ايضا على مدى تراحمنا وتسامحنا كافراد في المجتمع ننتمي الى هوية وطنية ووطن واحد بحيث نبقى متماسكين في مواجهة التحديات الخارجية والداخلية والاوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة .
وقال ان الاستمرار في الحفاظ على هذا التماسك يتطلب التركيز على الممارسات الايجابية تجاه الوطن ضمن اطار الجوامع المشتركة والانتماء الى المؤسسة الاردنية سواء في الجامعة او في المدرسة او في البيت او في المؤسسة واي مكان ينتمي اليه الفرد وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
واضاف ان مفهوم المواطنة الفاعلة والايجابية يعززه اولا الايمان بالله عز وجل، وهذا لا يتعارض مع الشرع الحنيف ، فقد قال سيدنا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ( ان حب الاوطان من الايمان)، فالاحساس بالهوية الوطنية والانتماء لها يقودنا الى ضرورة ادراك المواطن انه كما له حقوق فان عليه واجبات، ومسؤوليات ملقاة على عاتقه في العمل ومن بينها الالتزام بالقوانين واحترام مؤسسات الدولة والاعتراف بشرعية الاخرين في الشارع والمدرسة والجامعة والحي بغض النظر عن الاخر الذي يختلف عني، في الوقت الذي يجب ان تعزز الدولة المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص التي توجد هذه المواطنة الصالحة.
ووصف رئيس لجنة خدمات مخيم الشهيد عزمي المفتي الدكتور فياض الفوارس خطاب العرش بانه شامل وكامل، وأوضح أنه تناول موضوعات الاصلاح بمختلف جوانبها، إضافة الى تناوله القضية الفلسطينية ووصفها بأنها "قضيتنا الأولى" كمصلحة عليا للدولة الأردنية.
وأكد أن الأردنيين من شتى الأصول والمنابت يقفون خلف قيادتهم الهاشمية الحكيمة في مواجهة التحديات المختلفة، وأن الوحدة الوطنية تعتبر خطا أحمر لا يستطيع أحد أن يتجاوزها أو يخترقها.
وقال المختار ناصر النادي ان رسالة خطاب العرش هي دائما رسالة سلام ومحبة واخلاص للوطن والشعب بأطيافه المختلفة، لما تتضمنه من خارطة طريق نحو الإصلاح الشامل والكامل، وموقف الدولة الأردنية تجاه العديد من القضايا ولاسيما القضية الفلسطينية، وأن الشعب الأردني هو " شعب واع وشجاع" تحت ظل قيادته الحكيمة ولا يسمح لأي من المغرضين أن ينالوا من وحدته الوطنية أو يشعلوا الفتن بين أبنائه.
وقال رئيس نادي ابناء الثورة العربية الكبرى الدكتور بكر خازر المجالي ان جلالته اكد على دور المواطن من خلال تمكين وتمتين الجبهة الداخلية لانه بعكس ذلك يتعاظم الارهاب وانتشاره هو تفكك الجبهة الداخلية لاي دولة او مجتمع .
وعن المواطنة الفاعلة قال الدكتور المجالي انها تنطلق من ادراك مفهوم المواطنة وان يعتقد كل مواطن انه سفير ومسؤول والمسؤولية تعني كل شيء يعنيه الوطن ,ويجب تعزيز روح المبادرة من مبدأ ادراك الخطر والتحديات المحيطة بنا والتركيز على التحديات الداخلية وارساء اسس متينة في العلاقة بين الوطن والمواطن .