حوار مع الدكتور حسن الجزائري
الصديق الدكتور حسن الجزائري احد اطباء اشرف،من عناصر منظمة مجاهدي خلق،ولي معه ذكريات لا انساها ابدا في مخيم اشرف يوم كنت اتمكن من زيارتهم ،قبل ان تتولى القوات الحكومية العراقية ملفهم وتمنعنا من زيارة اصدقائنا في المخيم ،وقد عالجني مرارا من امراض طارئة كانت تلم بي احيانا ،ابتسامته ما كانت تفارق شفتيه ،وحين كنت اسال عن سر الابتسامة الدائمة تلك ،كان رده يوضح لي انها بعض العلاج لمرضاه فهي تزرع الامل في نفوسهم ،ولا يمكن ان يكون الطبيب عابسا ،وكانت عدوى ابتسامته تلاحقني خلال زياراتي لاشرف الرجال الاصلب من الفولاذ ارادة وعزما وتصميما قاهرا يوحي انهم يمسكون بايديهم اقمار الانتصار ،وفي حديث لي معه اليوم عبر الهاتف حيث يعمل طبيبا مقيما في ليبرتي ،اعدت سؤاله عن ابتسامته التاريخية تلك في ظل المعاناة الشديدة والقاسية لمرضى ليبرتي ،فقال لي ،انها باقية في ظل المعنويات العالية للمرضى ،صحيح ان الاسى غلفها بسبب من فقدوا نتيجة الحصار الطبي الذي تفرضه عليهم القوات العراقية ،الا ان الامل اقوى من الالم كما قال واضاف ان القوات العراقية تعرقل علاج المرضى تحت ذرائع وحجج مختلفة، وتتعمد عدم وصول مرضى المحتجز الى المستشفيات والعيادات الطبية في ظل حصار طبي مفروض على المخيم منذ اشهر طويلة، الامر الذي ادى الى وفاة العديد من المرضى بعضهم قضى نحبه على مداخل المخيم جراء التأخر في ارساله الى المشافي وبقائهم فترة طويلة دون علاج، وعبر الجزائري عن قلقه وخوفه المتزايد وأسفه الشديد من نتائج عملية العرقلة وتشديد الضغوط اللا إنسانية على السكان، قائلا: “إن الحصار الطبي اللا إنساني على سكان مخيم أشرف ومن ثم استمراره على سكان مخيم ليبرتي من قبل الحكومة العراقية أودى بحياة 22 من المرضى وجعل الآخرين منهم يموتون موتا بطيئا وكان آخر الضحايا الشهيدة فريدة ونائي و قبلها لقي المرحوم تقي عباسيان الذي توفي في 18 ايلول الماضي في مخيم ليبرتي بفعل هذه المضايقات وكذلك قبله لقي المرحوم محمد بابايي حتفه بتاريخ 28 نيسان الماضي اثر جلطة قلبية وكان الأخير وبعد تحمله أشهر متتالية من الألم والعرقلة في تلقيه العلاج، على موعد مع الطبيب في 31 اذار 2014 لإجراء عملية جراحية للقلب في مستشفى ببغداد غير أن السلطات العراقية منعته من الذهاب إلى بغداد مما أدى إلى موته في المخيم”.
ويقول جزائري “احيانا يغلبني التعب عندما أقوم بدراسة ملف المرضى وأرى عدم استطاعتي تقديم شيء لهم في المخيم المحاصر، الا ان ما يزيل التعب ويعطيني الامل هو المعنويات العالية لدى المرضى في تحملهم للآلام والمحن التي يتعرضون لها في ظل العراقيل والمضايقات والتعذيب النفسي والجسدي”.
واوضح الجزائري ان هناك حاليا اكثر من 962 مريضا ينتظرون دورهم للذهاب إلى مستشفيات في بغداد من بينهم 256 مريضا لهم مواعيد لعمليات جراحية، بيد أن الحكومة العراقية وضعت صيغة بطيئة جدأ لخروج المرضى حيث لا تسمح فعلا إلا بخروج 4 مرضى وللذهاب فقط إلى مستشفى واحد في اليوم واحيانا تضع الحكومة الحظر الكامل على ذهابهم إلى المشافي لمدة تستغرق حتى 3 أسابيع”.
ويقول الجزائري انه طيلة الاشهر الثلاثة الماضية، كان هناك 75 مريضا على موعد مع العيادة الطبية وتشمل حالتهم اصابات بأمراض القلب والسرطان، وهؤلاء جميعا تم منعهم من الذهاب الى المستشفيات والى الان فانهم لا يحصلون على الادوية والعلاج المناسب لحالتهم، انه وضع مأساوي بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
ويتابع الجزائري القول ان هذه العقلية التي تعرقل ذهاب المرضى الى المستشفيات هي عقلية جبانة، وان هذه الممارسة تتم من خلال ضغوط تفرضها طهران، وهذه العقلية هي نفسها التي ترش النساء في ايران بالمواد الحمضية الحارقة وهي ايضا نفس العقلية التي تنفذ الإعدام كل 7 ساعات بحق أبناء الشعب الإيراني، وهي العقلية ذاتها التي تمنع نقل المرضى إلى المشافي وتشديد المضايقات على مخيم ليبرتي للاجئين الايرانيين المحمي بموجب اتفاقيات جنيف، والذي حولته هذه العقلية اللانسانية الى سجن حسن الجزائري ،يثير في نفسي اشد مشاعر الالم والتعاطف ، بخاصة وانا اتذكر ان الاشرفيين كانوا قد اقاموا مستوصفا في مدخل مخيمهم في اشرف ،يعالجون في المرضى من السكان المحليين العراقين ، من الفلاحين وسكان القرى المجاورة، والحوامل والاطفال ،ويصرفون لهم العلاج مجانا ،لاعود فاتساءل ،اهل هذا هو جزاؤهم ؟ نمرض فيعالجوننا واهلنا وابناء بلدنا ،ويمرضون فنعاقبهم بالحرمان من العلاج ؟؟ لانطلق من هذه الحقيقة مطالبا كل عراقي يحمل ذرة من الطيبة العراقية والانسانية ،والشرف ،ان يسعى معي لرد جميل واحسان الاشرفيين السابق ورفع هذا الحصار الاجرامي اللاانساني ،فهل جزاء الاحسان الا الاحسان.