صالح: إدوارد سعيد الأب الروحي لي

المدينة نيوز ـ وقع الناقد الزميل فخري صالح في مركز الحسين الثقافي برأس العين ، كتابين هما "إدوارد سعيد: دراسة وترجمات"، و"في الرواية العربية الجديدة" الصادرين عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت.

وأكد صالح أنه ومن خلال كتاب "إدوارد سعيد: دراسة وترجمات"، يواصل الحديث عن مفكر عربي كبير، حيث "يعد الأب الروحي لي منذ أن قرأت كتابه الاستشراق، فأصبحت من الشغوفين بهذا المفكر".

وكان صالح يتحدث في الحفل الذي نظمته دائرة البرامج الثقافية في الأمانة وحضره نائب مدير المدينة للشؤون الثقافية والاجتماعية والرياضية المهندس هيثم جوينات، وأداره الروائي جمال ناجي، فيما تحدث فيه د. غسان عبد الخالق والناقد زياد أبو لبن.

 وأضاف صالح أن الكتاب الثاني هو إعادة طباعة، حيث أصدر في العام 2000 بعنوان "أفول المعنى في الرواية العربية".

وأكد أن حلم كتابة الرواية يرواد كثيرا من الكتاب، مؤكدا أن إدوارد كتب رواية ثم مزقها وكتب بعدها كتاب "خارج المكان"، وهو تعويض عن تلك الرواية التي مزقها.

وبين أن الكتاب "في الرواية العربية الجديدة"، يسلط الضوء على التحولات التي جرت على الرواية، مشيرا إلى أن هذه الدراسة كتبها بين العامين 84-94، ما جمع بينها هو مفهوم الرواية العربية الجديدة.

الروائي جمال ناجي، وفي معرض تقديمه لصالح، أكد أنه ناقد معروف من خلال إسهاماته النقدية وكتبه التي تصل قرابة 25 كتابا، بالإضافة إلى الكتابة النقدية باللغة الانجليزية.

بعد ذلك تجول الناقد زياد أبو لبن في محتويات كتاب صالح الذي عده من الكتب المهمة في الدراسات النقدية الحديثة والجديدة، لافتا إلى أن المؤلف تجاوز اسمه حدود المكان والزمان، فهو يمتلك أدواته النقدية التي تسهم في حركة النقد العربي وتدفعه إلى الأمام، وليس الوقوف على قوالب نقدية جاهزة، إضافة إلى أنه لا ينشغل في كتابات جيله ويصمت عن أجيال سبقته أو لحقته، بل يتابع المنجز الأدبي العربي عبر الأجيال.

وأشار أبو لبن إلى أن صالح قام في هذا الكتاب على "دراسة تمهيدية لتسعة أعمال روائية"، ليحسم الأعمال التي يختارها للدراسة وهي تنتمي إلى جيلين، "جيل الستينيات وجيل السبعينيات".

وذهب إلى أن الكتاب يؤسس إلى مصطلح "الرواية العربية الجديدة"، الذي يتّخذ من مفهومه منطلقاً لدراسته النقدية، مقترباً من المفهوم النقدي في الرواية الفرنسية الجديدة.

وبين أن مفهوم الرواية العربية الجديدة "تجاوز الزمن الذي كتبت فيه الرواية"، إلى طريقة كتابة الرواية من صيغ مغايرة تقتحم مكوّنات صيغة الكتابة الروائية السابقة.

وقال إن نصوص نجيب محفوظ تبقى عند صالح "مقياساً ثابتاً لما بنى عليه من منهج نقدي اتّبعه في دراسة الرواية العربية الجديدة باعتبارها عاملا متحركا أمام ما استقرّت عليه الرواية منذ المحاولات الأولى في الرواية العربية"، كـ"ليالي سطيح" لحافظ إبراهيم و"حديث عيسى ابن هشام" لمحمد المويلحي، ومن بعدهما إبراهيم عبد القادر المازني وطه حسين، وصولا إلى نجيب محفوظ.

وبين أبو لبن أن المتغيّر ينهض على يد إدوارد الخراط في "رامة والتنين"، وصنع الله إبراهيم في "اللجنة"، والياس خوري في "الجبل الصغير"، وسليم بركات في "فقهاء الظلام"، وإبراهيم الكوني في "نزيف الحجر" و"التبر"، كما في أعمال أميل حبيبي وجمال الغيطاني.

ولفت إلى وجود أعمال روائية تنتمي للرواية العربية الجديدة لم تقع ضمن هذه الدراسة وأشار إليها صالح، مثل روايات حيدر حيدر وغالب هلسا وعبد الحكيم قاسم وإبراهيم عبد المجيد ومؤنس الرزاز وإميل حبيبي وربيع جابر وحسن داوود وهدى بركات وإلياس فركوح ومحمد عز الدين التازي ومحمد برادة.

وخلص أبو لبن إلى إن هذه الدراسات كُتبت فُرادى، وعلى فترات مختلفة، بين عامي 1984-1998، حيث يكرر صالح في بداية كلّ دراسة نظريته النقدية في نقض الشكل الروائي الناجز المتمثّل بأعمال نجيب محفوظ، وتثبيت العمل الروائي المدروس، الذي يفكّ ارتباطه بالشكّل الروائي العربي الناجز. 

الناقد د. غسان عبد الخالق بين أن صالح قدم في كتابه الجديد "إدوارد سعيد: دراسة وترجمات" مقاربات لإدوارد بوصفه مقيما بين الثقافات، ولملامح مشروعه الفكري ودوره في اعادة بناء صورة للفلسطينيين، وبوصفه كاتب سيرة وناقدا إنسانيا ومفكرا غربيا مركزيا.

وبين أن الكتاب يضم ثلاث ترجمات لنماذج من كتابات سعيد حول المثقف ولقائه بسارتر وبعض أفكاره حول ما أسماه "الأسلوب الأخير" وحوارين مترجمين حول النقاد في الصيغة المضادة وعن العالم والنص والناقد.

وأشار، عبد الخالق، إلى كتاب صالح السابق الذي صدر العام 2000، وهو بعنوان "دفاعا عن إدوارد سعيد"، وفيه فند صالح "الحملة الصهيونية الشرسة على سعيد قبيل صدور سيرته الذاتية خارج المكان"، مشيرا إلى ما كتبه الكاتب اليهودي رايد فاينر، والذي ادعى فيه أن إدوارد سعيد "زيّف كثيرا من ملامح سيرته الذاتية وأنه ليس أكثر من ابن مدلل لعائلة مسيحية ثرية راوحت في إقامتها بين القدس والقاهرة وبيروت ثم هاجرت إلى الولايات المتحدة الأميركية"، قبيل اغتصاب فلسطين العام 1948".

ورأى عبد الخالق أن صالح في هذا الكتاب "غادر موقع الخائف من إمكانية انتصار اليمين الأميركي الصهيوني على إدوارد سعيد بوصفه كاتب سيرة ومفكرا فلسطينيا عربيا ومدافعا صلبا عن حضارة الإسلام" إلى موقع "المتأمل في طبقات المعمار الفكري الكوني الذي شاده إدوارد سعيد".

تنبه صالح، بحسب، عبد الخالق، إلى ما مارسه إدوارد سعيد لدور المثقف الملتزم من منظور سارتري، بخاصة في ضوء تحول المثقف إلى متخصص سجن نفسه داخل حقل تخصصه بعيدا عن كل ما يجري حوله من فظائع. إن التخصص والاحتراف والتكسب من المهنة تمثل مجتمعة وحشا يتهدد المثقفين الذين يجب أن يستمروا بوصفهم هواة في حقل الثقافة، وعصيين على إغراءات السلطة السياسية والشركات الكبرى المشغولة برهن أبحاثهم لمصالحها وأهدافها.

وخلص عبد الخالق إلى أن صالح التفت للنزعة الإنسانية التحررية في فكر إدوارد سعيد التي مثلت الهدف الأكبر لهجوم خصومه الذين كادوا يعدونه رومانسيا جديدا، مبينا أن هذه النزعة ما كان لها أن تبرز على هذا النحو الحاد لولا أن إدوارد سعيد كان بدوره يقوم بتسطير توقيعه الأخير قبل الرحيل.