أسباب شخصيّة عجّلت بسقوط وقتل العقيد معمر القذّافى
كتبت وزيرة الخارجية الأمريكيّة السّابقة كوندليزا رايس في مذكّراتها :لم اشعر بالإهانة فى حياتى كلها الا عندما رفض معمر القذافى مصافحتى .
كان ذلك ذات رمضان وبالعاصمة الليبية طرابلس حيث كانت وزيرة الحارجية الامريكية فى زيارة رسمية لليبيا واثناء استقبال العقيد لها داخل خيمته رفض مصافحتها تاركا يدها تقبض الهواء ... كانت الإهانة كبيرة جدّا لأمريكا وأحسّت جينها الوزيرة باحراج كبير خاصة انها سمراء تعانى من عقدة العنصريّة .
كان بإمكان البروتوكول ان يعلم الوزيرة بأن الشهر رمضان والعقيد لا يرغب فى مصافحة النساء وهو صائم وبذلك يتجنّب الاحراج ... العقيد سبق له ان تغزّل بالوزيرة السمراء وهو فى قمّة غرامه بإفريقيا ... تغزّل شارون بساقي رايس مما أجبره على تقديم اعتذار رسمى لامريكا فى تصريح صحافي . والعقيد يرفض الاعتذار سواءا على الغزل او على عدم المصافحة .
فى زيارته لفرنسا رفض العقيد المصادقة على صفقة طائرات حربيّة فرنسيّة رغم إلحاح و"توسّل" الرّئيس الفرنسى ... اضطرّ ساركوزى ان يرسل زوجته الى القذافى بخيمته المنصوبة بحديقة الايليزى طامعا فى التّأثير على الجانب البدوى فى شخصيّة العقيد حيث ان العرب لا يردّون طلب إمرأة ... اجاب معمّر الحسناء الايطاليّة كارنا برونى حرم ساركوزى وهما على انفراد بالخيمة : لقد نسيت دفتر الصّكوك بطرابلس !!! ... كانت الصفعة قويّة جدا لساركو وكارلا .
قد تكون الطائرة التى كان سيشتريها القذافى هى نفسها الطائرة التى ضربت موكبه قبل القبض عليه .
ساركوزى هو الذى أصدر الأوامر بقتله فورا لدفن فضائح مالية وأخرى لا نعلمها .
الغرب أيضا يغار على نساءه تماما كما نغار نحن وبشدّة على نساءنا ...
للعلاقات الشخصيّة دور فى العلاقات بين الدّول بل قد تكون حاسمة فى اكثر من تاريخ .
لازلت أتذكّر انه فى الثمانينات نقل لنا التلفزيون الليبى صورا للعقيد وهو يرشّ بخرطوم ماء رئيس بلدية طرابلس بحجّة عدم القيام بواجب تنظيف المدينة .
كان المشهد مهينا جدّا لرئيس البلديّة .
من أسباب ثورة المستشار مصطفى عبد الجليل على العقيد تعمّد هذا الاخير اهانته فى مؤتمر الشعب العام حيث قذف على وجهه اوراقا مع التوجّه له بعبارات نابية .
اللواء عبد الفتاح يونس انقلب على العقيد بسبب تعرّضه للشّتم من أحد أبناءه اثناء انطلاق احداث بنغازى .
حتى لمن يستحقّ الإهانة فإن القائد الذكيّ والناجح يعرف من يهين ومتى يهين واين يهين وكيف يهين؟ ... والابتعاد عن الاهانة افضل خاصة انه للقائد سلاح العقوبة والرّدع والمنع .
البارحة وفى مشهد تلفزيونى عارض شاهدت كيف واجه صلاح الدين الأيوبي تململا لقياداته بحيفا وهم على مشارف معركة كبرى ... استدعاهم الى غذاء مترف وباذخ وشحنهم بكلمات حماسيّة ذكّرتهم بجزاء الله لهم ان انتصروا او استشهدوا ... عاد القادة الى الميدان وانتصروا بمعنويات تناطح السحاب .
قال لى يوما جنرالا رحمه اللّه : القائد "كالبطاريّة" ان كان مشحونا يشحن رجاله وان كان فارغا يفرغهم من الرغبة فى القتال .
القيادة فن وسلوك وادب .
والقائد البارع هو الذى يعرف كيف يتحكّم فى سرعة الآخرين .