هرجٌ ومرجٌ وفوضى صاحبت إعلان نتائج الثانوية العامة أمس، بعد أن وزّعتها وزارة التربية والتعليم على المواقع الالكترونية، ثم سحبتها بعد مدة قصيرة، إثر شكاوى هائلة.
الوزارة أعلنت، على لسان الوزير، أن الخطأ هو في النسخة الالكترونية (المتعلقة بالدراسة الخاصة)، التي وزعت على المواقع الالكترونية، وأنّ السجلات الورقية صحيحة مائة بالمائة، وأنّ النتائج المعتمدة الدقيقة هي على الموقع الرسمي لها.
على الرغم من ذلك، فإنّ الشكاوى استمرت، والتشكيك ظل سيد الموقف إلى ساعة متأخرة من الليلة الماضية من مئات المحتجين.
وتجمع أهالٍ وطلابٌ، أمام وزارة التربية والتعليم، غاضبين مما حدث، والدموع تملأ أعينهم. وستبقى حالة القلق والتوتر الشديد تتملّك الآلاف من الأردنيين إلى حين صدور الكشوفات الورقية يوم غدٍ الاثنين.
وقائع أمس أكبر مما يظنّ الوزير، الذي حاول التقليل من شأن ما جرى، ولم تُظهر تصريحاته القدر المطلوب، ولا الحدّ الأدنى، من مراعاة الوضع النفسي الكارثي لآلاف الأردنيين، الذين ارتبكت أمام أعينهم لحظةً تحدد مصائر أبنائهم، ونتاج كفاحهم وجهدهم وصبرهم، ولم يصدر عن الوزير أي اعتذار مباشر وصريح عن ذلك.
ثمة مسؤولية دستورية وأدبية وأخلاقية وسياسية يتحمّلها وزير التربية والتعليم عن الأخطاء والارتباك غير المسبوق، في نتائج الامتحان، وقد سبقت ذلك "حرب أعصاب" مع الأهالي في سؤال امتحان الرياضيات، وضعف في إدارة الأزمة، فضلاً عن الظواهر غير المسبوقة من الفوضى التي رافقت أداء الامتحان في عدة أماكن.
امتحان الثانوية العامة يمثل أحد أهم مميزات التقدم والضبط والالتزام، تاريخياً، في الإدارة الأردنية، وأي التباس وخلل في النتائج ومصداقيتها خطر جداً، جداً،.. وجداً، وهو مؤشر مقلق، ولا مجال للاستهتار غير المقبول بقيم راسخة تهتز بِلَمح البصر أمامنا!
لا نستبق تقرير لجنة التحقيق، الذي يفترض أن يكون محدداً مع صباح اليوم، لكن ذلك ليس بديلاً عن مسؤولية الوزير الكاملة عن أعمال وزارته. أمّا تمرير الأزمة الحالية على حساب صغار الموظفين، فسيُحمّل الكلفة السياسية الحقيقية لرئيس الحكومة.
الرئيس نفسه يدفع، كذلك، ثمن خطأ وزير الزراعة في إدارة أزمة عمال المياومة. وقد بيّن وزير الدولة لشؤون الإعلام نبيل الشريف، مشكوراً لعدد من الكتاب (أمس) تفاصيل هذه القضية وتطوراتها. وأوضح أن الحكومة تعكف على تأمين وظائف للعمال في القطاع الخاص بدلاً من وزارة الزراعة.
بالطبع، ذلك حلّ استراتيجي، وأفضل أن يصبح دائماً ومنتظماً، ويتضمن الضمان الاجتماعي والتأمينات الصحيّة وحقوق العمال، لكن كان يفترض أن يستبق قرار الوزارة بإنهاء التزام العمال وإلقائهم إلى الشارع، وهم لا يملكون قوت يومهم ولا حاجاتهم الأساسية، كان ذلك سيوفر على الوزير والحكومة التداعيات التي حدّثت والتوترات التي صاحبتها، وسيحمي رئيس الحكومة من نيران وزرائه!