محاضرة للروابدة عن الوطنية بجامعة اليرموك

المدينة نيوز- قال رئيس مجلس الأعيان الدكتور عبدالرؤوف الروابدة إن الوطنية تعتبر أعلى درجات المواطنة وأنها تمثل الجانب الفعلي والحقيقي لها وان الانتماء الوطني هو عنصر أساسي في المواطنة لا تقوم قائمة بدونه.
واضاف الروابدة خلال محاضرته "المواطنة" التي ألقاها الاربعاء في جامعة اليرموك بحضور رئيس الجامعة الدكتور عبدالله الموسى ان الوطنية تعبير قويم يعني حب الفرد وإخلاصه لوطنه الذي يشمل الانتماء إلى الأرض والناس والعادات والتقاليد والفخر بالتاريخ والتفاني في خدمة الوطن.
واكد أن الحقوق والواجبات في الوطن أمران متلازمان لا يمكن فصلهما حيث ترسي المواطنة حقوق المواطنين وتساوي بينهم في ممارسة تلك الحقوق وتؤكد في الوقت نفسه التزام المواطنين بواجباتهم تجاه الوطن.
وبين أن المواطن يكتسب المواطنة بفعل سلبي وذلك بمجرد الانتساب للدولة وحمل جنسيتها أما الوطنية فهي فعل ايجابي لا يكتسبها المواطن إلا بالعمل الجاد والصادق لصالح الدولة وتقديمه مصالحها على أي مصالح أخرى.
ودعا من يحمل صفة المواطنة أن يُعبر عن وطنيته من خلال عدة أمور أهمها الالتزام بالهوية الوطنية لأنها الهوية الواحدة والأساس الجامع الذي يقود إلى النظر لأبناء الوطن كوحدة واحدة غير قابلة للانقسام أو التجزئة لاسيما أن تجاوز الهوية الوطنية لحساب الهوية الفرعية يؤدي إلى تهميش دور الوطن والمواطن ودعوة صريحة أو ضمنية لغرس الإحساس بالغبن الذي يضعف زخم التوجه الوحدوي, والانتماء الوطني الذي يعتبر حاضنة الهوية الوطنية والخصوصية الحضارية.
وأكد الروابدة على العلاقة الوثيقة بين الديمقراطية والمواطنة فكلما تجذرت الديمقراطية ارتقى تبعا لذلك مفهوم المواطنة وتأصل في وجدان الشعب وممارسة الحكم لاسيما وأن المساواة بين جميع المواطنين في ممارسة الحقوق السياسية والاجتماعية ركنا أساسيا في المواطنة, مبينا مفهوم المواطنة التي تُعرّف بأنها " علاقة تقوم بين فرد والدولة يقدم خلالها الفرد الولاء وتقدم الدولة بدورها الحماية له, وتتحدد العلاقة بينهما من خلال القانون" وتقوم على عدة أركان أهمها الانتماء للوطن بجميع مكوناته وأفكاره واتجاهاته تمهيدا للتمتع بالحقوق والحريات فيه, والمساواة التي تعني أن المواطنين جميعا أصحاب حقوق كاملة ومتساوية يتمتعون بها في الوطن ولا يجوز التميز بينهم في ممارسة تلك الحقوق.
واكد أن مؤدى مفهوم المساواة هو المساواة الرقمية بين الأفراد والجماعات حيث يستحيل تطبيق هذا المفهوم إلا على الأفراد والجماعات الذين يتساوون في مراكزهم القانونية بمعنى أن ظروفهم وأوضاعهم وقدراتهم متماثلة, وبالإضافة إلى ركن المشاركة التي تتضمن أن يكون لكل مواطن جزءا من السيادة السياسية وعليه ان يمارس حقه في تلك السيادة بالمشاركة في صنع القرار وتسيير الشؤون العامة في الوطن.
وأضاف أنه لا بد من وجود بعض الاستثناءات المؤقتة على مبدأ المساواة بهدف تحقيق العدالة وليس التمييز وحماية النظام السياسي وتماسك المجتمع وضمان الاستقرار الوطني, ومن هذه الاستثناءات مثلا تحديد قوانين الانتخاب سنا معينا للممارسة حق الانتخاب, والتمثيل الخاص للأقليات العرقية والدينية والاجتماعية والمرأة في البرلمانات, وتحسين تمثيل المناطق البعيدة في البرلمانات على حساب المناطق القريبة من المركز لتعويض كلفة مراجعة المركز, وإعفاء ذوي الدخول المتدنية من التكليف الضريبي, ووضع شروط أبسط للقبول في الجامعات للمناطق الأقل حظا.
وأشار إلى أن الفكر العقائدي والقومي والديني في البلاد العربية لم يتطرق لمفهوم المواطنة الأمر الذي أدى إلى عدم بروزها في مبادئ الأحزاب القومية والدينية وأدبياتها وممارساتها, مبينا واقع عمل الأحزاب القومية التي ركزت في بداية عملها على الهوية العربية الجماعية وأنكرت الأقليات العرقية وهمشت دورها, حيث دعا القوميون في البداية إلى الوحدة العربية وأنكروا دور الدولة الوطنية وهويتها واعتبروها عقبة في طريق التوجه الوحدوي, لافتا أنه عند وصول الأحزاب القومية إلى الحكم اكتشفت أن الوطنية حقيقة واقعية يصعب إنكارها أو تجاوزها, فبدأت حينها بالتنظير على القطرية واخترعت تعبير "الخصوصية الوطنية".
بدوره شدد الموسى على ضرورة وعي الشباب وتسلحه بالعلم والمعرفة الأمر الذي يجعله أكثر قدرة على مواجهة تحديات الحاضر واستعدادا لخوض غمار المستقبل لافتا الى أن جميع الأمم والشعوب تدرك أن الشباب العنصر الأساسي في أي تحول تنموي ديمقراطي سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، فهم الشريحة الاكثر حيوية وتأثيرا في أي مجتمع قوي تمثل المشاركة السياسية فيه جوهر التكوين والحديث عن الشباب في مجتمعنا العربي.
وأشار إلى أن المواطنة الحقيقة الصالحة لا تنمو ولا تنضج إلا في بيئة سياسية ديمقراطية ومزدهرة اقتصاديا واجتماعيا, حيث أن العدالة والمساواة هما القاعدة الصحيحة التي تحتضن مفهوم المواطنة في ظل مناخ سياسي واجتماعي.
(بترا)