اعتذار الى الحكومة
يقف اربعة وزراء في دار رئاسة الحكومة ، امس ، للدفاع عن فضيحة التوجيهي ، والشارع الاردني الذي يغلي مثل بركان ساخن ، يعرف مسبقا ان لا احد يقف عند خاطره في الفضيحة التي هزت البلد بيتا بيتا.
رأيت طبيبا البارحة يقول لي بغضب بالغ.. سواء بقي وزير التربية والتعليم او استقال ، او استقالت كل الحكومة ، فما الذي سيقنعني انا بنتيجة ابني اليوم ، كيف سأقتنع ان نتيجته لم تتعرض الى خطأ ، وكيف سوف اقتنع ان نتيجته الورقية هي الاصح ، وان الالكترونية هي الخطأ ، كيف سيكمل ابني فصله الثاني في هذا الجو ، ومن يستعيد مصداقية التوجيهي ، وما الذي يثبت لي انه لم تحدث لفلفة لطابق العلامات ، بأي طريقة كانت.. يقول هذا الكلام ويمضي متأسفا قائلا.. علينا ان نذهب ونعتذر كشعب للوزير لاننا عكرنا مزاجه ، ولاننا لا نفهم ولا نصل الى مستوى العبقريات التي تتولى مواقع عامة.
الطبيب الذي يقترح ان نعتذر كشعب للوزير معه حق. شخصيا اعتذر الى الوزير. لاننا نبالغ ولاننا شعب عاطفي ، ولاننا شعب لا يجوز ان نشعر بضيق ولا بغضب ، ولاننا اعتدنا مضايقة الحكومات بقصصنا. نعتذر للحكومات السابقة والحالية واللاحقة عن تأوهاتنا ، وعن مبالغاتنا ، وعن تطلباتنا ، ولتفعلوا ما تريدون. نحن شعب نبالغ. نحن نشعب لا نقدر هذه العبقريات ولا نصل الى مستواها. نعتذر ايضا عن اعتراضاتنا على الضرائب ورفع الاسعار ، ورفع الغاز والماء والكهرباء. نعتذر ايضا عن صوتنا العالي ، فلا عاشت اصواتنا مام اصواتكم. نعتذر حين نطالب بحقوق الناس. حقهم وحقوقهم في معرفة الذي جرى ، وفي حلم اردني قديم يتمنى رؤية مسؤول واحد يتحمل مسؤولية اعماله وافعاله. لو كانت معدلات البارحة مرتفعة لخرج الوزير مثل طاووس مزهوا بنتائج طلابه ، اما وقد جرى ما جرى فلا يتحمل الوزير المسؤولية ، لا السياسية ولا المهنية ولا الاكاديمية ، ويتحملها الفاعل المبني للمجهول. ربما هناك جن احمر في وزارة التربية والتعليم عبث بالنتائج ، ونحن لا نقدر. هنيئا لكم بهذه الصلابة. هنيئا لكم في هذا الموقف الذي لا تحسدون عليه ، وتنتظرون معه اعتذارا شعبيا. اعتذر لكم باسمي واسم ابناء المدن والقرى والبوادي والمخيمات ، والسياح ايضا. لدينا الاستعداد ايضا للاستقالة من مواقعنا فداء للوزير في هذه المحنة.
مؤتمر الرئاسة البارحة كان سلبيا جدا ، ولم يقنع احدا ، لا في تبريراته ولا في حواراته ، وهو يثبت دوما ان الحكومات في واد والشعب في واد اخر. هذا الشعب الذي وضعناه في كفة ، ومعالي الوزير في كفة ، وبما ان الوزير لن يستقيل ولن يتحمل مسؤولية وزارته ، فاننا نعتذر له ، فقد رجحت كفته ، مقابل كفة الشعب ، الشعب الذي يتمنى ولو من باب الاحلام ان يرى محاسبة لاي مسؤول. لو سرق مراسل في وزارة التربية والتعليم حفنة شاي لاولاده لتم قطع يده ، وحين تسرق الوزارة السكينة من مئات الاف بيوت الاردنيين فان الرد على السرقة يكون باظهار القدر العالي من الصمود والقوة في وجه الناس. وبهذه القدرة على تحدي الشعب فانني اقترح ان يداوم وزير التربية والتعليم في وزارة الزراعة ، وان يداوم وزير الزراعة في وزارة التربية والتعليم ، باعتبارهما من ذات الصنف القوي والعنيد والمثابر والذي لا يستقيل حتى لو احترقت روما.
نعتذر الى الحكومة ووزرائها ، لاننا نسينا انهم في الطابق السابع ، ونحن في الطابق الارضي ، وقد ذكرونا البارحة مجددا بالفرق بين نبض الوزراء ونبض الشعب.. والفرق كبير وكبير جدا.
mtair@addustour.com.jo