الفيتو الأميركي 52

أميركا في مأزق سياسي وأخلاقي ، فهي (مضطرة) تحت ضغط اللوبي اليهودي لاستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد قرار إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع وفق جدول زمني محدد ، وهو المشروع الذي سيقدمه الأردن إلى مجلس الأمن الدولي باسم الدول العربية ، جنباً إلى جنب مع مشروع فرنسي مماثل.
قد يقال أنه لا جديد في هذا الموقف الأميركي ، فإذا كانت أميركا قد استخدمت حق الفيتو لحماية إسرائيل من المجتمع الدولي والقانون الدولي واحد وخمسين مرة حتى الآن ، فما الجديد في استخدامه مرة أخرى؟.
الجديد واضح لدرجة أن أميركا مترددة لأول مرة ، فهي تعترف بصعوبة اتخاذ القرار ، وهذا تقدم وخطوة إلى الأمام تحمل رسالة لإسرائيل بأن صبر العالم على احتلالها قد نفد وأن صبر أميركا له حدود.
تردد أميركا في استخدام حق الفيتو هذه المرة يعود لاعتبارات هامة ، فهي تدرك أنه ستكون له كلفة عالية لا يمكن تجاهلها.
الاعتبار الأول هو أن الفيتو الأميركي سوف يشكل هدية إعلامية ومعنوية للمنظمات الإرهابية التي تدّعي أنها تحاربها لأنها تشكل خطراً على العالم فكيف تقدم لها ما يساعدها على تجنيد المزيد من الأنصار والانتحاريين.
والاعتبار الثاني أن القرار يعني عزلة أميركا دولياً ، لأن جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي – عدا أميركا–سوف يصوتون لصالح القرار مما يزعزع مركز أميركا القيادي على مستوى النظام العالمي.
والاعتبار الثالث أن الفيتو الأميركي يمثل موقفاً لا أخلاقياً ، فكيف تكون أميركا التي تصدر تقارير سنوية عن حالة حقوق الإنسان حول العالم في موقع الدفاع عن الاحتلال والفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل ويرفضه العالم بأسره ويطالب بإنهائه.
أميركا سـبق أن وصفت الاتحاد السوفييتي بأنه امبراطورية الشر ، كما وصفت دولاً أخرى بأنها تمثل محور الشر ، فكيف ترضى لنفسها موقع الشر؟ وكيف تظل عضواً وحليفاً وقائداً لدول أوروبا الديمقراطية والمتحضرة التي تعترف بالدولة الفلسطينية.
أمام أميركا حل واحد مقبول عربياً وأخلاقياً وهو الامتناع عن التصويت أو الغياب عن الجلسة ، مما يعني تمرير القرار بإجماع دولي فلا تستطيع إسرائيل أن تطالب أميركا بالانفراد في وجه العالم لحمايتها من سوء سلوكها.

الراي 2014-12-19