رئيس وزراء اليابان شينزو ابي في سطور
نظام الحكم الياباني هو ملكي نيابي دستوري وفعليا في اليابان لا يوجد اي دور سياسي للامبراطور بل هو رمز الدولة يستقبل الوفود يصادق على تعيين رئيس الوزراء والوزراء ،اي انه يؤدي الواجبات الاحتفالية ولا يحمل أي سلطة حقيقية، ولا حتى في حالات الطوارئ. اما لبرلمان الياباني الذي يعتمد على مبدا التعدد الحزبي وبما يسمى (الدايت-الاحزاب )، ويبلغ عدد اعضاؤه 480 عضوا ينتحبون منهم 300 من الدوائر العامة الانتخابية و 180 عضوا حسب النسبة المخصصة للمحافظات –المقاطعات-ولمدة اربع سنوات ، والمواطنيين ينتخبون ممثل دوارئهم وممثل المقاطعة (المحافظة التي يتبعون اليها). وغالبا ما يكون هولاء المرشحون ما ينتمون الى الاحزاب السياسية والحزب الذي يحصل على اكبر عدد من المقاعد في البرلمان له الحق في تسمية رئيس الوزراء الذي يتم انتخابه لاحقا من مجلسي النواب والاعيان معا وبالتوافق والاغلبية.
وفي اليابان يوجد اكثر من 10 احزاب سياسية اهمها على الاطلاق الحزب الديمقراطي الليبرالي او ما يعرف ب LDP) Liberal Democracy Party ) الي يتنمي لها رئيس الوراء الياباني الحالي . ويعتبر هذا الحزب الاقوى والاقدم في اليابان وفاز في عدة دورات في البرلمان منذ عام 1955-2009 حتى انه اصبح من المتعارف عليه في اليابان ان النتائج غالبا ما تكون محسومة لصالح الحزب الليبرالي الديمقراطي (المعروف باليابانية باسم جيمنتو) لكثرة اعضاءه ولانتشار مساحته على مناطق عديدية في اليابان .
السيد ابي ينتمي الى الحزب الليبرالي الديمقراطي وعندما فاز حزبه بانتخابات تموز 2006 رشح ابي لمنصب رئيس الوزراء في ذلك العام وتم انتخابه لاول مرة رئيس للوزراء في تموز 2006 والذي يعد اصغر رئيس وزراء لليابان على الاطلاق بعد الحرب العالمية الثانية . ورئيس وزراء اليابان شينزو ابي يبلغ من العمر الان 60 عاما وهو من مواليد 21 ايلول 1954.
وينص الدستور الياباني ان رئيس الوزراء يجب أن يكون "مدنيا". ويستثنى من منصب رئيس الوزراء كل من خدم في قوات الدفاع الذاتي اليابانية ، فضلا عن أي عضو سابق في الجيش الإمبراطوري الياباني و البحرية الإمبراطورية اليابانية ،اي الذين لديهم اي خلفية عقائدية عسكرية لا يتولون منصب رئيس الوزراء.
والسيد ابي ينحدر من عائلة يغلب عليها الطابع السياسي فعائلته من الطراز السياسي رفيعة المستوى فوالده شينتارو آبي، كان وزيرا للخارجية وجده كان رئيسا للوزراء نوبوسوكه كيشي. وتاريخ السيد ابي في العمل السياسي يرجع الى عام 1993 بعد ان فاز السيد آبي في مقعده في البرلمان الياباني في ذلك العام. ويحمل السيد ابي البكالوريوس من قسم العلوم السياسية التابع لكلية الحقوق في جامعة سيكيه الذي تخرج منها في عام 1977 ،وبعد تخرجه مباشرة عمل في شركة كوبيه للحديد ثم التحق في العمل السياسي كمساعد تنفيذي لوزير الخارجية في عام 1983 ثم انتخب عضوا في مجلس النواب عام 1993. وتم تعينيه وزيرا لاول مرة في عام 2000 للحكومة الثانية لرئيس الوزراء موري ثم تدرج في مجلس الوزراء الى ان اصبح رئيس للوزراء في عام 2006 ويصبح بذلك رئيس الوزراء رقم 90 في الدولة اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية ، ورئيس الوزراء رقم 96 حاليا بعد الرئيس نودا الذي استقال في ديسمبر 2012.
وعلى الرغم من قصر فترة الحكم الذي قضاها الرئيس ابي منذ عام 2012 الا انه واجه تحديات خطرة وانعطافات حادة في السياسة اليابانية كانت اولها النزاع على جزر سينكاكو بين اليابان والصين وكذلك النزاع على جزر تاكيشيما بين اليابان وكوريا وكذلك الوضع الاقتصادي المتهالك الذي ادى الى ركود اقتصادي لم يسبق له مثيل في اليابان ، اتسم اسلوب السيد ابي بالقوة والدبلوماسية في ان واحد اذ عمد الرئيس ابي الى زيارة رسمية الى ضريح ياسوكونى المثير للجدل بعد انتخابه رئيسا للوزراء ، وضريح ياسوكوني هو معبد بني عام 1869 يقع بالعاصمة طوكيو، حيث يوجد فيه مقبرة أقيمت لتكريم 2,466,000 رجل وامرأة سقطوا في المعارك من أجل إمبراطورية اليابان. ويثير هذا المعبد جدلاً بسبب وجود أسماء 14 مجرم حرب من الدرجة الاولى صدرت عليهم أحكام بالإعدام في المحكمة التي أقامتها دول الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية في 1945 كما يعتبر من قبل الدول المجاورة رمزاً سيئا للحقبة التوسعية لليابان خلال الحرب العالمية الثانية
وكانت هذه الزيارة التي قام بها السيد ابي مثار غضب وجدل لكلا من الصين وكوريا الجنوبية، وادى الى توبيخ نادر من الولايات المتحدة الى الرئيس ابي بعدم فتح ملف مثيرا للجدل في المنطقة ، لكن بطريقة غير مباشرة وجه الرئيس ابي رسالة ضمنية الى من يتجرؤون على الاراضي اليابانية وخاصة الجزر المتنازع عليها ان اليابان لا تزال تتمتع بقوة على الرغم من عدم وجود اي قوة عسكرية يابانية. لان اليابان من الدول التي لا تملك جيش او قوة عسكرية فبعد معاهدة الاستسلام التي وقعها الامبراطور الياباني هيرهيتو-الامبراطور رقم 124 في الدولة اليابانية- تم حل الجيش واستعاض عنه بقوة الدفاع الذاتي وبحكم معاهدة الاستسلام اخذت امريكا على نفسها الدفاع عن اليابان في حال تعرضها الى الى عدوان خارجي ، وبذلك ضمنت امريكا وجود قواعد عسكرية في شمال (جزيرة هوكايدو) ووسط (جزيرةهونشو) وجنوب اليابان (جزيرة اوكيناوا) للتصدي لاي عدوان على اليابان .
ونظرا لما يتمتع به السيد ابي من حنكة دبلوماسية استطاع ان يلطف الاجواء المشحونة بين الصين واليابان بان أكد رئيس الوزراء الياباني أن العلاقات الصينية- اليابانية واحدة من أهم العلاقات الثنائية، قائلا: باحد المؤتمرات عندما سئل عن العلاقات اليابانية الصينية «بقدر ما نشعر بالقلق إزاء اقتصادنا، فإن علاقتنا مع الصين لا يمكن أن تنفصل، لأننا دول مجاورة، هناك العديد من المشاكل ولكن ينبغي إجراء حوار مع بعضنا البعض دون فرض أي شروط مسبقة». وعندما سئل عن الجزر المتنازع عليها بين الدولتين، شدد آبي على أن جزر سينكاكو جزء لا يتجزأ من الأراضي اليابانية وفقا للقانون الدولي وكذلك في سياق تاريخ اليابان، وأن اليابان تسيطر حاليا على تلك الجزر، وستواصل القيام بذلك في المستقبل، موضحا أن البلدين يربطهما تبادل المنافع الاقتصادية وأن الشركات اليابانية توفر 10 ملايين وظيفة في الصين وبذلك استطاع امتصاص ودفع بلاء تصادم بين دولتين عظمتين
ولم يكتف بذلك السيد ابي بل سارع الى نشر بيان وضح به سياسة اليابان الامنية حدد بها اسس التعاون والتعامل مع المعطيات الامنية الحديثة وبذلك وضح ما لليابان من التزام نحو الامن العالمي وكيفية ارساء قواعد السلام في الدول المجاورة والتعاون مع الدول الصديقة وحتى الامن الذي يتعلق بضبط الفضاء الخارجي وحمايته من التسارع العالمي نحو اطلاق اقمار للتجسس كان قد تطرق له اليبد ابي ، ويعد بيان السيد ابي في المفهوم الامني لليابان في بداية حكمه من اروع ما قيل في فترة الحكم الياباني والتي اعطت مفهوم شامل الامن في اليابان وهو بحق من اروع ما نشر في الوقت الحاضر في ترسيخ مفهوم الامن الشامل وقد تم نشر محتوى ومفهوم الامن الشامل لليابان في مقالة سابقة للكاتب نفسه، وبذلك البيان وضح السيد ابي مرتكزات التعاون في المجال الامني بين اليابان وعلاقتها بدول الجوار وهو اول بيان يصدر من الدولة اليابانية لتهدئة الاجواء المشحونة ودفع شبح الحروب عن المنطقة ويعود الفضل الى السيد ابي والسبق بتهدئة الاجواء في المنطقة.
وكما برع السيد ابي في المجال الدبلوماسي لم يفته الى ان يلعب دورا كبيرا في انقاذ الاقتصاد الياباني من الهبوط والتهاوي اذ قام وعلى المستوى المحلي بسلسلة من التدابير الاقتصادية المعروفة بشكل غير رسمي باسم "أبينوميكس" - والتي يمكن ترجمتها - بالسياسة النقدية، والحوافز المالية والإصلاحات الهيكلية – والتي تهدف الى تعزيز الاقتصاد الياباني والتعافي من الركود منذ فترة طويلة. وقد عززت التدابير في البداية الى نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013، ولكن قد انكمش الاقتصاد منذ ذلك الحين في ثلاث من الأرباع الأربعة الماضية . وكان أحد الأسباب الزيادة في ضريبة المبيعات في شهر أبريل، التي اخذت تؤثر على الاستهلاك الخاص وكان من المقرر أن يتم رفع الزيادة الثانية في ضريبة المبيعات في عام 2015 ، وعندما لاحظ السيد ابي ان ذلك سوف يدخل البلاد في انكماشة جديدة دعا في 18 نوفمبر تشرين الثاني من عام 2014 الى تأخير هذا التوجه عن طريق حل البرلمان والدعوة الى انتخابات مبكرة ، لاعطاء فرصة لاتخاذ القرار المناسب وعدم جر البلاد الى انكماشة جديدة .
وفي بداية العام الجديد وكما هو متعارف عليه ان يلقي رئيس الوزراء الياياني الحديث السنوي مرحبا بالعام الجديد كان من اهم ما تطرق اليه السيد ابي دعوة الشركات والقطاع الخاص الى رفع رواتب الموظفين اشارة الى تحسن الاقتصاد الياباني ورفع المستوى المعيشي للفرد .
وما يذكر هنا في ختام هذا الحديث ان رئيس الورزراء الياباني ابي كان من اكثر رؤساء الوزراء نشاطا في السياسة الخارجية اليابانية فقد زار منطقة الشرق الاوسط خلال فترة حكمه الثانية اكثر من ثلاث مرات ، فقد زار المملكة السعودية والقى خطاب هام وضح به معالم ومفاتيح التعاون الياباني العربي في الشرق الاوسط من منصة جامعة الملك عبد العزيز في جدة وقد تم نشر مقالة كاملة عن هذا المبدا للكاتب نفسه سابقا وهي بحق من اهم المرتكزات التي ستقوم عليها سياسة اليابان في الشرق الاوسط ، و ثم الزيارة التي قام بها السيد ابي لدولة الامارات العربية وافتتح بها مدرسة يابانية ثم زيارته الحالية للاردن بعد ان قام بزيارة الى دولة مصر يتبعها برزيارة الى دولة فلسطين وهذا يدل ما تحظى منطقة الشرق الاوسط في الاقتصاد الياباني من اهمية خاصة وان الاستقرار السياسي للمنطقة له الاثر الايجابي على الاقتصاد الياباني وبذا لشار السيد ابي الى بعده السياسي والاقتصادي من نظرة مستقبلية للاقتصاد في المنطقة وفتح افاق للتعاون الاقتصادي وقد رافق السيد ابي في زيارته الحالية وفد رفيع المستوى من كبار الاقتصاديين واصحاب الشركات اليابانية المرموقة ، تحية للسيد ابي ونتمنى له اقامة رائعة ونجاح للسياسة اليابانية في المنطقة الاوسطية التي تحظى ولاتزال من احترام متبادل من جميع الاطراف في المنطقة.