الدين والمواطنة

تم نشره الإثنين 26 كانون الثّاني / يناير 2015 02:04 صباحاً
الدين والمواطنة
إبراهيم غرايبة

ما تزال تقع بين فترة وأخرى، حوادث تؤكد ضرورة إعادة تنظيم العلاقة بين الدولة والمواطنين على أساس المواطنة؛ بغض النظر عن الدين أو تغيير الدين. وهناك قضايا وحالات لا تظهر في وسائل الإعلام، لكنها تمثل معاناة كبرى لبعض المواطنين، وانتقاصا لحقوقهم الأساسية، تتصل بمسائل حضانة الأطفال والحصول على الوثائق الشخصية والميراث.. وذلك بسبب اعتبارات تتعلق بالدين أو تغيير الدين.
إذا كانت المواطنة هي الاعتبار الأساسي والوحيد في العلاقة بين الدولة والمواطن؛ الحقوق والواجبات، فإنه يجب وبالضرورة ألا يؤثر على هذه العلاقة وحقوقها وواجباتها الانتماء الديني أو تغيير الدين. فالدستور يحدد المواطن باعتباره كذلك، ويجب ألا يزيد ولا ينقص في ذلك شيء دين المواطن أو تغيير دينه. ولم يعد مقبولا الإشارة إلى الدين في الوثائق، أو أن يؤثر ذلك في المعاملات والحقوق. فالدين مسألة شخصية بين الإنسان والخالق الذي يؤمن به، ولا يمكن تقنينها أو التدخل فيها أو محاسبة أحد بشأنها.
ومن ثم، فإن تغيير الدين يجب ألا يتحول إلى قضية إعلامية وقانونية. وفي ظل القوانين النافذة، حتى مع اعتبار تناقضها مع الدستور، كيف تصدر المحاكم الشرعية حجة إسلام لفتى في الخامسة عشرة من عمره يريد تغيير دينه، وهو في نظر القانون ما يزال قاصرا، لا يحق له شراء سجائر أو تدخين الأرجيلة، كما لا يحق له قيادة السيارة أو الدراجة النارية، ولا يحق له الانتخاب؟
ويغير المواطنون دينهم وفق دوافعهم وضمائرهم. وقد يغير أحدهم رأيه أو اعتقاده بعد فترة من الزمن. فلا يمكن إجبار أحد على اعتقاد ولا منعه من ذلك، لكن لماذا يتحول ذلك إلى تعقيدات قانونية تطال الحضانة والعلاقات الزوجية والميراث؟
المسألة بطبيعة الحال تمثل قلقا وتحديا للدولة والمجتمع. لكن، وفي جميع الأحوال، فإن تحييد القوانين والمؤسسات الرسمية أمر ضروري ومهم، بل ويقتضيه الدستور. لتكن قضية شخصية أو عائلية، فلماذا نحولها إلى قانونية ورسمية؟ حتى في حالات التدخل لأجل فض الخلاف أو منع الأذى، فإنها إجراءات اجتماعية وإدارية، يمكن أن يقوم بها المجتمع أو الحاكم الإداري ضمن الواجبات والمبادرات الاجتماعية، من غير تدخل قانوني. فالمسألة ليست قانونية؛ يفترض ألا تكون قانونية.
ولا يمكن حل مسألة اعتناق الدين أو تغييره إلا بتعويمها وتحويلها إلى مسألة شخصية لا تتدخل فيها الدولة، ولا تطالها القوانين، ولا تغير في الاعتبار القانوني والشخصي للمواطن. وتؤدي المؤسسات الدينية (الإسلامية وغير الإسلامية) تجاه هذه المسألة دورا دعويا أو اجتماعيا أو تأثيريا، لكن لا يجوز لمؤسسة دينية أن تصدر قرارا أو حرمانا يمس الحقوق الأساسية للمواطن، أو يجعل لهذه المؤسسات دورا سياديا على حقوق المواطن وعلاقته بالدولة.

(الغد 2015-01-26)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات