الزعاترة: لذلك لا ينبغي لثوار مصر الخروج عن السلمية
المدينة نيوز:- قال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة: إن ثمة انقسامًا في المجتمع المصري، قبل الثورة وبعده، وفي الموقف من الانقلاب أيضًا، وهناك من انطلت عليهم قصة "ثورة 30 يونيو"، وهناك من لهم موقف منحاز أيضًا، مما يعني بكل بساطة أن العنف لا يملك حاضنة شعبية كافية لإيقاع هزيمة بالنظام، وإن تكن هزيمته صعبة أيضًا، تبعًا لوجود قدر من التقبل الشعبي له.
وأضاف الزعاترة في مقال له نشره موقع "عربي21": ثمة ميزان قوى مختل بشكل كبير لصالح النظام، ففي الداخل معه الجيش والأمن والقضاء والإعلام، وجزء معتبر من الشارع لاعتبارات عديدة (طائفية وحزبية ونتاج تضليل)، وفي الخارج يجتمع العالم على دعمه بكل تناقضاته (أمريكا والغرب، وروسيا، والصين، وحتى إيران)، على تفاوت في الدعم، مع استثناءات محدودة لا تؤثر عليه، وبعضها قد لا يستمر تبعًا لحسابات سياسية مختلفة.
وتابع الزعاترة: والنتيجة أن فرصة العنف المسلح في تحقيق حسم مع الانقلاب تبدو معدومة في ظل هذه المعادلة.
واستطرد قائلًا: نقول ذلك مع أن العنف في مواجهة وضع من هذا النوع ليس من نهج الإخوان، وهم حسموا موقفهم منه منذ عقود، ومن العبث أن يعودوا إليه، في وقت لا يملك أي أفق للتغيير، بصرف النظر عن نقاش أسسه الفكرية التي لم تحسم طوال القرون (مسألة الخروج على حكام الجور)، والخروج هنا لا يستتبع التكفير بالضرورة.
وأكد الكاتب أن العنف المسلح لا يمكن أن ينجح من دون حاضنة شعبية كافية، ودعم خارجي، مقابل وضع ضعيف في الطرف الآخر، وهنا في الحالة المصرية لا يبدو أي من ذلك متوفرًا. وليتذكر الجميع أن أكثر العسكر في مصر والشرطة من أبناء الغلابة، وهؤلاء هم الحاضنة الشعبية للإخوان، وحين يسقط أبناؤهم في الصراع فسينتقلون إلى المربع الآخر، كما أن العنف التفجيري الذي سينتشر لا يمكن إلا أن يصيب مدنيين، وهذا سيستغل أيضًا في ضرب الشعبية، والكلام للكاتب.
وأضاف الزعاترة: لذلك كله، ومع أننا نتفهم حرقة الشباب على ما يجري، وما ينطوي عليه من ظلم وقتل وشيطنة وانتهاك لكل المحرمات، ونتوقع تبعًا لذلك أن يذهب بعضهم في اتجاه العنف، إلا أننا ومن منطلق الحرص عليهم، وعلى مصر وأهلها ومستقبلها، نقول: إن العنف هنا عبثي بامتياز ولا طائل منه، ونتيجته معروفة. أما من يتحدث عن القتل والاغتصاب، فنقول له: إن مسار العنف سيضاعف هذه الممارسات عشرات الأضعاف.
ورأى الكاتب أن الحل الأفضل هو أن يجري (بدأ فعلًا) تجميع الناس من حول فكرة النضال السلمي لمواجهة دولة بوليسية فاسدة تستهدف الجميع، وهي مرحلة قد تطول، وقد تتوقف وتتواصل بناء على قراءة للظروف الموضوعية، ولا شك أن التوقعات الكبيرة من السيسي وتمخض المشهد عن دولة بوليسية فاسدة، تستعيد لصوص نظام مبارك، لن تلبث أن تستفز الجماهير بمرور الوقت.
وتابع: سيستغرق نضال من هذا النوع وقتًا قد يطول حتى يحقق النتيجة المأمولة، لكنه أكثر جدوى من الخيار الآخر الذي سيدفع الناس الآخرين إلى الالتفاف من حول الطغمة الحاكمة والتنازل عن الحرية من أجل الأمن والاستقرار، وسيتيح للنظام التهرب من تبرير فشله على كل صعيد.