التضحية
التضحية كمفهوم تعني تبرع الفرد بنفسه أو بماله أو بجهده أو بعمله أو بإنجاز من إنجازاته كليا أو جزئيا في سبيل هدف يؤمن به دون مقابل.
أدخل صلب الموضوع وأقول بداية, ألفكرة الأولى في الموضوع هي سمو المعنى ,إذ تسمو فكرة التضحية بشكل تدريجي من بذل جزء يسير من الجهد أو المال أو الوقت حتى ترقى إلى تقديم الروح أو النفس وهي أغلى شيء على الإنسان دون انتظار ألأجر في الدنيا.أما الفكرة الثانية فهي تدرج الهدف أو الشيء الذي تكون التضحية من أجله.فقد يضحي الفرد من أجل فكرة صغيرة يريد تحقيقها فيبذل من أجل إنجازها جزءا من الوقت أو الجهد أو المال حتى ترقى إلى التضحية في سبيل الله أو في سبيل الوطن .
إذن هي النسبية فكلما ارتفعت قيمة المضحى من أجله كلما ارتفع منسوب التضحية من حيث القيمة والقدر,حيث الوزن يفرض الكم ,وبكلمات أخرى كلما عظمت قيمة الشيء الذي نضحي من أجله , كلما أستحق قدرا أكبر من التضحية ,فالتضحية من أجل العقيدة أو الوطن كفكرة سامية لها الوزن الأكبر ترتفع مقابلها تلقائيا نسبة التضحية من حيث الكم ,فليس الذي يضحي بنصف ساعة من وقته كمن يرخص نفسه ودمه في سبيل دينه أو وطنه ,وكلتاهما تضحية,وهنا لا بد من الإشارة أن الشهداء الذين يمضون في سبيل دينهم أو وطنهم هم المثل الأعلى في التضحية وهم الذين يتربعون على قمة معانيها,ولم يكن آيمانهم بالمعنى سببا في التضحية بقدر ما يكون آيمانهم أن ما يضحون من أجله يستحق هذا القدر من التضحية.
ويصبح معنى التضحية دون معنى أو ذو عوج أوعرج حين تدخل فيه المصلحة الشخصية أو الذاتية فمن يقدم أو يتبرع بكل أو بجزء من ماله أو جهده أو وقته لتعود الفائدة إليه لا يدخل في عداد التضحية ,إذ الشرط الأساس في التضحية هو أن تكون التضحية من أجل أي شيء أو أي شخص عدا الذات وإلا خرجت من هذا الإطار,وهنا ندخل في إطار الغير الأسرة فالتضحية من أجل الوالدين أوالإخوة هو تضحية ولو كان في إطار الواجب,لأن التضحية نفسها أحيانا تكون بحكم الفرض أو الواجب .
وهنا أقول أن الكرماء هو الأكثر استعدادا للتضحية, فالشخص الذي يمتاز بالكرم يجد سهولة ويسر في التضحية وأكرم الناس هم الذين يجودون بأنفسهم من اجل غيرهم لا من أجل أنفسهم ,وبالمقابل البخلاء لا يضحون,فهم يتقوقعون حول أنفسهم ويشعرون أن لا شيء ولا أحد يستحق أن يقدم أحدهم نفسه أو حتى جزءا يسيرا من ماله أو جهده أو وقته في سبيله.