عصر الغاز وحروبه

في العقود الأولى من القرن العشرين، راحت شركات النفط الامريكية والبريطانية والفرنسية تعيد رسم خرائط الدول والحدود والهويات في الشرقين العربي والأوسط.
ولم يكن ذلك ممكنا من دون حرب دامية كما الحرب العالمية الأولى وتداعياتها هنا وهناك… كمــــا جرى ذلك تحت عـــــناوين وذرائع شتى من التمـــدين الى حق الشـــــعوب في تقــــرير مصيرها..
اليوم ونحن في منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، فإن شركات الغاز راحت تأخذ تدريجيا دور شركات النفط في اعادة رسم الحدود والخرائط والدول والهويات.
أيضا وكما تقاسمت مناطق (المنابع) النفطية النفوذ مع مناطق المرور والخطوط، يتكرر الامر نفسه مع عصر الغاز وتدخل عواصم واطراف اقليمية ودولية في لعبة الأمم الجديدة :-
فمن هي القوى الجديدة، وما هي الحسابات المحيطة بصعودها أو الصراع معها وحولها، سواء لجهة الانتاج أو لجهة الأنابيب والممرات الدولية:
1.من بين عشرين دولة هي الأكبر من حيث احتياطات الغاز، فإن أهمها هي:-
روسيا (1700 تريليون قدم مكعبة) وبواقع 35 % من الاحتياطات العالمية ثم ايران وبواقع 815 تريليون (15 % من الاحتياط العالمي) ثم قطر والامارات وتركمانستان والجزائر…
2.من بين أكبر 15 شركة غاز في العالم، فإن أهمها هي الشركة الروسية، غاز بروم وبفارق كبير عن بقية الشركات مثل شل،أكسون، ثم كفاك وسونا طراك.
3.وكما يلاحظ من الارقام السابقة فإن روسيا وايران مرشحتان للعب دور كبير في السياسات العالمية والاقليمية بالنظر أولا الى تطابـــق الحـــــضور القــــوي لشركات الغاز مع السيادة السياسية لهما.
وبالنظر ثانيا، الى طبيعة الغاز المستخرج منهما من حيث الكميات وانخفاض تكاليف الانتاج والنقل، وكذلك الأقل تلويثا للبيئة، وبالنظر ثالثا، الى الجغرافيا التي تجعل نقله أقل تكلفة وملاءمة للاسواق الدولية…
4.على أهمية ما يقال عن بحر قزوين (الخزر) الا انه من حيث الاحتياطات غير المؤكدة يحتل مكانة متوسطة، قياسا بالاحتياطات النفطية (المرتبة 16 عالميا) وبواقع (16 مليار برميل) قياسا (بالسعودية 261 مليار برميل، ثم العراق 112 مليار ثم بقية دول الخليج وايران بمعدل 92 مليار، وفنزويلا بمعدل 72 مليار)
5.من التحولات المهمة اكتشاف كميات كبيرة من احتياط الغاز قبالة الساحل السوري التاريخي ومحاولة (اسرائيل) السيطرة عليه
6.أما عن خطوط الغاز، فلا تزال الاقتراحات والمشروعات الأطلسية عالقة وغامضة وأكثر تكلفة من زاوية النقل والبيئة السياسية، ولا بديل عن المشروعات الروسية (المسار الشمالي والجنوبي) أيا كانت تداعيات الحرب الاوكرانية التي أطاحت حتى الان السوق الاوكراني والبلغاري، وانعكست ازمة متفاقمة داخل اوروبا نفسها.
ولا يوجد عاقـــــل واحد ينتظر الانتاج الامريكي من الصــــخر الزيتي، ناهــــيك عـــن عدم جدوى الممرات الاذربيــــجانية، وعن تفضيل بلدان تركمانستان وايران للـــصين والاسواق الاسيوية الكبيرة.
(العرب اليوم 2015-02-12)