لا بد ان نحاورهم ..!!

تم نشره الجمعة 13 شباط / فبراير 2015 02:33 صباحاً
لا بد ان نحاورهم ..!!
حسين الرواشدة

في عالم بلا حدود ، وبلا خفايا ولا اسرار ، وفي ظل ثورة الاتصالات وانكشاف العالم على حقائق لا تخطر في بال احد ، اصبح التطرف العابر للحدود والقارات والاجهزة قادرا على اجتراح المعجزات والمفاجآت. واصبح من المفترض ان نتتبع الجذور لتقنية اجوائنا منه ، بالحوار والحكمة بدل القمع والعقاب.
ترى، من يفكر في بلادنا الاسلامية - مثلا - باحياء المناظرات العلمية والحوارات المفتوحة مع الشباب الذين اصيبوا بالتطرف ، ومن يفكر في اقتحام سجوننا لمعرفة افكار هؤلاء الشباب ومحاولة اقناعهم بسوء ما يفكرون به وخطئه بالحسنى والمحبة ، ومن بوسعه ان يبادر الى انقاذ هؤلاء من “جهلهم” او قطع الطريق على التعصب والكراهية وردود الانتقام التي تشكل قاسما مشتركا لشعورهم ضد مجتمعهم وضد الآخر الذي لا يرى الاّ استئصالهم؟ اتمنى ان نسمع من الغيورين على ديننا وبلادنا تجربة واحدة تثبت ان حلول الحذف والقمع اجدت في اقناع متطرف واحد بالعودة للاعتدال.. او التوبة مما اقترفه من افكار واعمال،
لدينا في العالم العربي اكثر من تجربة لمواجهة الفكر المنحرف والمتطرف ، بعضها اثبت نجاعته في اقناع الشباب للعودة الى جادة الصواب ، وبعضها فشل - للاسف - في التأثير فيهم ، وزادهم - احيانا - تشددا وعنفا.
قبل اعوام انتهت الحوارات التي قام بها بعض العلماء في مصر مع اعضاء بعض الجماعات المتطرفة داخل السجن الى مراجعات فكرية عميقة ، اعاد فيها هؤلاء الشباب النظر بكثير من مناهجهم الفكرية ، ومواقفهم العقدية ، واصدروا نحو اثني عشر كتابا وثقوا فيها خلاصاتهم. وبذلك نجحت تجربة الحوار والاقناع وتسنى للحكومة ان تفك قيدهم ، وتستفيد من خبرتهم ومراجعاتهم في التأثير على الآخرين واعادة الأمن والاستقرار للبلاد.
في السعودية ايضا تجربة اخرى تقوم بها هيئة المناصحة ، وقد نجحت - لحد ما - في اقناع من يسمون بالفئة الضالة في التراجع عن افكارهم المتشددة ، وسمحت لهم هذه المراجعات بالعودة الى مجتمعهم وممارسة حياتهم بعيدا عن السجون والعقاب.
والشاهد هنا ، ان الارضية التي يخرج منها الغلو والتطرف ، وكذلك العنف والارهاب ، ارضية فكرية ، ولا يمكن علاجها بدون الفكر والمحاججة والاقناع ، واذا كانت الحلول الامنية قد ساهمت - مؤقتا - في تطويق هذه الظاهرة ، الا انها لا يمكن ان تجهز عليها بدون معالجات فكرية اولا واجتماعية وسياسية ثانيا ، وكل ذلك بالعقل والكلمة والحوار لا بالاكراه والعنف ومناهج الاقصاء ، فهؤلاء الشباب الذي انحرفوا عن جادة الاسلام عن جهل وتغرير ، وبدافع الحماسة احيانا للدفاع عن عقيدتهم نتحمل نحن كمجتمع جزءا من مسؤولية انحرافهم وانتقالهم الى دائرة الاجرام احيانا ، المؤسسة الدينية تتحمل بعض هذه المسؤولية ، وكذلك المؤسسة التربوية والاعلامية وغيرها ، ومن الاولى ان تكون تجارب الحوارات والمراجعات التي تنطلق من التشخيص السليم اللازمة والظاهرة ، ومن الاحساس بضرورة مشاركة الجميع في حلها هي الطريق لاقناع هؤلاء المرضى والعمل على اعادتهم الى مجتمعهم متعافين سالمين.
لا يمكن النظر الى التطرف على انه منتج اسلامي ، حتى وان كان يكمن تحت لافتة اسلامية يستمد منها ادلته وشرعيته ، فالعالم كله يعاني اليوم من الارهاب ويصدره إلينا ، ومع ان تحصين العقل والفكر الاسلامي من هذه الجرثومة بالعمل على ابراز حقيقة الاسلام المستنير وتوجيه النشء الى معرفة مقاصده الانسانية مسألة ضرورية ، الا ان تحصين هذا العقل والمجتمع ايضا يحتاج الى مهادات وميادين اخرى ، اجتماعية وسياسية واقتصادية ، يخرج منها هذا التطرف ، تظل مسألة ملحة ايضا وأيضا.

(الدستور 2015-02-13)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات