جريمة "تشابيل هيل"

قبل أن يبدأ تنظيم "داعش" الإرهابي بجرائمه، كان الكثير من الغربيين يُسَمّون المسلمين والإسلام والعرب بالإرهاب. ومن العوامل المساعدة لسياسات هؤلاء الغربيين على هذا الصعيد، قيام البعض، ومنه تنظيمات إرهابية تدّعي أنها مسلمة وتدافع عن الإسلام والقضايا العربية، بعمليات إجرامية، وبقتل مدنيين غربيين تحت شعارات ومبررات غير مقبولة ومدانة.
وفي خضم ما يحدث الآن من جرائم تقوم بها تنظيمات إرهابية في سورية والعراق واليمن وليبيا ومصر، وترفع شعار الإسلام، والإسلام منها براء، فإننا نسينا أنّ في الغرب إرهابيين ومجرمين، وأن السياسات الغربية المزدوجة في التعامل مع القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث يدعم الغرب الاحتلال الإسرائيلي وسياسته العدوانية والاستيطانية والمجرمة ضد الشعب العربي الفلسطيني ويغطي عليها (هذا لا يعني عدم وجود أصوات غربية وفي بعض الأحيان مهمة تنتفض ضد السياسات الإسرائيلية)، أكبر مسبب للإرهاب في المنطقة.
دائما، كان الغرب يتعامل مع المسلمين والعرب كأنهم إرهابيون، أو إرهابيون مفترضون. ولذلك، فإن العديد من العرب المقيمين في تلك الدول تعرضوا كثيرا لممارسات إرهابية وإجرامية عديدة فقط بسبب أنهم عرب أو مسلمون. طبعا، هذا الواقع لا يبرر لبعض العرب والمسلمين المقيمين في تلك الدول قيامهم بأعمال إرهابية في تلك الدول، فهذه الأعمال، مهما كانت الشعارات التي رفعت من قبل الإرهابيين لتبريرها، غير مبررة ومدانة كاملا. وأيضا، فإن الممارسات الإرهابية لبعض العرب والمسلمين لا تبرر الممارسات الإجرامية والإرهابية التي تقع على العرب والمسلمين في تلك الدول. وقد كانت آخر جريمة قام بها الأميركي غريغ هيكس بمدينة تشابيل هيل الجامعية في ولاية كارولاينا الشمالية، الذي قتل بدم بارد الأردنيتين يسر ورزان أبو صالحة والسوري ضياء بركات، تدخل في سياق الإرهاب والكراهية التي يكنها الكثيرون في الغرب للإسلام والمسلمين والعرب. ولا يمكن أن نقتنع بمبررات القاتل، أو الشرطة الأميركية، بأن القاتل ارتكب جريمته لخلافه مع جيرانه الضحايا على موقف السيارة. لكنّ ما كتب على صفحته على "فيسبوك" وفق ما جاء في الصحافة الأميركية ووكالات الأنباء عن كرهه للإسلام والمسلمين، وما شهد به شهود العيان من أن القاتل كان يكن الكره لضحاياه لأسباب متعلقة بدينهم وقوميتهم، يثبت أن هذه الجريمة جريمة كراهية.
إن هذه الجريمة وغيرها من الجرائم الكبيرة والصغيرة في الغرب ضد الجالية العربية والإسلامية هناك، تشبه الجرائم التي يرتكبها "داعش" ومتطرفون يدّعون دفاعهم عن الإسلام. طبعا تختلف الأشكال والدوافع، ولكن جرائم الإرهابيين هدفها واحد: قتل الإنسان، وحرمانه من حقه في الحياة، وممارسة قناعته بشكل ديمقراطي وحضاري.
(الغد 2015-02-14)