حربنا وحرب اسرائيل عبر المجاهدين

أكثر من حرب تشهدها المنطقة منذ سنوات، منها حرب الامريكان والرأسمالية العالمية لتصدير ازمتهما الى الشرق بعد أن ذاقتا ويلات هذه الازمة وحروبها على الارض الاوروبية (الحرب العالمية الاولى والثانية).
ومنها الشكل الجديد للحرب الباردة والقلق الامريكي من مشروع البريكس ومواجهته حول اوراسيا وساحته الاوكرانية، ومنها حروب العواصم الاقليمية التي تنافس العواصم الراسمالية الكبرى على المنطقة..
ومن هذه الحروب وأخطرها وأكثرها تعقيدا (حرب اسرائيل) عبر (المجاهدين) من الجماعات الاجرامية التكفيرية، على شكل داعش والنصرة واخواتهما.
وليس بلا معنى ان تشهد الحدود العربية مع دولة الاحتلال الصهيوني، توسعا وانتشارا كبيرين لهذه الجماعات، التي لم تأخذها الغيرة مرة واحدة على المسجد الأقصى مثلا، وتقوم بعملية انتحارية او انغماسية واحدة ضد دورية او هدف اسرائيلي.
ذلك أن تل ابيب ومخابراتها هي المشغل والمحرك الحقيقي لهؤلاء (المجاهدين) الذين بلغت بهم النذالة والعمالة درجة غير مسبوقة حين راحوا ينسقون مع (الدوريات الاسرائيلية) بحثا عن مقاتلي حزب الله الذين نفذوا عملية شبعا..
أما الوجه الاسرائليي الموسادي الأخطر في عمل هذه الجماعات على مرمى أمتار من الوحدات العسكرية الصهيونية، فهو ما يتعلق بالجيوش العربية فيما كان يعرف بدول المواجهة..
ان ما يعني هذه الجماعات التكفيرية الظلامية المتخلفة المشبوهة ليس الغيرة على فلسطين والركود التاريخي لهذه الجيوش ضمن اعتبارات مختلفة معروفة للقاصي والداني، وليس استنزاف هذه الجيوش بل تفكيكها وتحطيمها، مقدمة لتحطيم الدول نفسها، واطلاق الفوضى الصهيونية الهدامة في عموم المنطقة.
وسيكون واهما كل الوهم من يعتقد ان المسألة تتعلق بجيوش او دول محددة، فالكل مستهدف أيا كانت مواقفه وتركيبته، من جيوش الدول التي وقعت اتفاقيات مع العدو مثل مصر والأردن الى جيوش الدول التي لم توقع مثل سورية..
ومن ذلك الاشتباك مع الجيش المصري في سيناء ومحاولة نقل التخريب الى داخل مصر نفسها، ومع الجيش السوري عبر سنوات الأزمة، ومحاولة جر الجيش الأردني الى اشتباكات مماثلة.
فمشروعات تصفية القضية الفلسطينية تصفية نهائية كلها تستدعي ابتداء تحطيم الدولة الاردنية عبر تحطيم الجيش الاردني، كما هي الحال في سورية، وكما يجري في مصر، وكما جرى في العراق بعد تحطيم جيشه الوطني على أيدي الامريكان والأطلسيين.
ذلك لا يعني ابدا تضخيم المخاوف والقلق من الاشتباك العسكري مع هذه العصابات الاجرامية من مجاهدي تل ابيب.
فما من دولة في المنطقة خارج الحريق واستهدافاته الاسرائيلية، مهما كانت نواياها، ومهما مارست من حذر وتحسبات، ولكن العبرة في السياق العام لهذا الاشتباك وتحالفاته وقواعده الحاكمة، والاستراتيجية والتكتيكية، السياسية والميدانية.
(العرب اليوم 2015-02-15)