حقائق غائبة
![حقائق غائبة حقائق غائبة](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/35529.jpg)
المدينة نيوز - ما يدور الآن في الساحة المحلية من (مدّ) و(جزر) بين حكومة الرّفاعي والصحافة الالكترونية حيناً, وبين الحكومة ذاتها والمعارضة حيناً آخر.. أصبح أمراً( مجهدا) ومقلقاً بالنسبة للمواطنين , فالحكومة تتهم الصحافة والمعارضة بالتشويش والمبالغة وتعطيل جهودها في الإصلاح والتنمية, بينما يوجّه كل من الصحافة والمعارضة جملة من الاتهامات للحكومة وأجهزتها ومؤسساتها ببعض الفساد, والخروج عن المألوف في اتخاذ بعض قراراتها وعدم قدرتها على مواجهة العديد من الأزمات التي باتت تثقل كاهل المواطنين وخاصة (عجز) الموازنة الذي أصبح (يهدّد) عيش المواطنين واستقرارهم .
وبعيداً عن كل الحسابات و دفائن النفوس , فان تبادل الاتهامات بهذه الطريقة يزيد الأمر تعقيدا, ويجعل الحقائق( تذوب) بين ثناياها , فيصبح الاتهام (انتصاراً) للطرف الآخر حيناً .. وينقلب إلى (تشهير) واغتيال حيناً آخر .. وقد يكون( الاتهام) صحيحاً بعض الحين .. وربما يكون عكس ذلك تماما عندما يتعلق الأمر بحسابات شخصية بين طرف وأخر .
أنا لست مع الحكومة ولا أنحاز لها ولا ابرّأها من بعض الأخطاء , ولست كذلك مع (بعض) الذين يتهمون الحكومة لمجرد( الاتهام), ولكنني مع( الحقيقة) التي تنفع الوطن .. مع كل الذين ( يحرصون) على تطهير الأردن من الفساد والمفسدين دون (مزاودات), ودون تحقيق (مآرب) أخرى .
والحقيقة التي أقصدها... هي تلك التي( تعرّي) المخطئ والفاسد من خطاياه التي تسيء للوطن ويحاسب عليها حساباً( عسيراً) سواء كان هذا المخطئ وزيراً أو مسؤولاً أو صحفيّاً أو حتى مواطناً عادياً .. الحقيقة التي اقصدها هي تلك التي تظهر النظيف نظيفاً.. والمخلص نقياً.. ليس فيها( محاباة )أو تضليل أو تمويه .. الحقيقة التي اقصدها هي تلك التي تتعامى عن الأسماء والمسميّات والأشكال والألوان .. لا فضل لأحد على الآخر إلا بمدى انتمائه للوطن, وما يقدم له, ويتجنّب ما يسيء إليه .
للأسف معظم (الحقائق) غائبة, أو (محصورة) , فالحكومة أمام هذا السيل من الاتهامات تبدو (عاجزة) عن الرد بطريقة تكون مقنعة وواضحة , وخطابها الإعلامي (ضعيف) لدرجة انه يزيد من نار الاتهامات اشتعالا, أو يترك الأمور (مبهمة) في حين أن بعض وسائل الإعلام والصحافة تطلق أحيانا الاتهامات دون ما يثبتها أو يخصّص من يرتكبها.
وحتى يكون الأمر واضحا ومجدياً بعيداً عن (الإثارات) والإستعداءات فعلى الحكومة أن( تبادر) قبل غيرها إلى فتح جميع قنوات التواصل مع وسائل الإعلام المحليّة والرد على جميع الاتهامات أو الإشارات الموجّهة إليها بروح من( الشفافية) والوضوح بعيداً عن التوتّر والاستعلاء , وان تكون هناك مؤسسة مستقلة تعنى بذلك تستند في عملها المنطق والمنهج العلمي الصحيح وإيمانها بأن المعلومة هي من حق جميع أبناء الوطن, ولا تفرّق بين وسائل الإعلام البعيدة والقريبة منها , البيضاء والحمراء منها ..ذات اليمين أو ذات الشمال .. حينها لا يستطيع أحد أن (يتجنّى) على الآخر , أو تظل الحقيقة هي الأقرب دائما إلى المواطن .. وإذا ما تجنى احد على غيره، فإنه سيكون معرضاً للمساءلة والمحاسبة والعقاب ضمن ما تنص عليه القوانين والأنظمة النافذة , مثلما يجب أن (يوأد) الفاسد ويلقى حسابه .
لسنا جميعا في هذا الوطن بحاجة إلى المزيد من الإجهاد والإرهاق والوقوع في ( الشبهات) , ولسنا نحن إلا أبناء وطن واحد تظلّنا مظلّة واحدة وقيادة واحدة .
علينا أن نحسن الظن بأنفسنا , وان يكون( ميزان) الحساب بيننا هو ماذا قدمنا للوطن وماذا فعلنا له ؟ .