تقرير مالي بلا مجاملات

صحيح، ان تقرير اللجنة المالية في مجلس النواب حول الموازنة العامة للدولة لعام 2015، احتوى على 7030 كلمة، كانت حصيلة جَهدها واجتماعاتها التي وصلت الى 65 اجتماعا على مدار شهرين و12 يومًا، لكنه من التقارير القليلة التي قدمتها اللجان المالية في مجالس النواب السابقة الخالي من المجاملات المكررة.
التقرير احتوى على 36 توصية، كان من ابرزها تخصيص صندوق "حساب طوارئ بـ 100 مليون دينار للظروف الاستثنائية، ونحن فعلًا نمر بظروف استثنائية، تحتاج إلى موازنة طوارئ.
مقدمة التقرير التي حثت على الاصلاح الاقتصادي، والاسراع في اقرار التشريعات الاقتصادية، المتعلقة بقطاع الطاقة، والاستثمار، وقانون ضريبة الدخل، ما يعكس أعلى درجات الشعور بالمسؤولية.
وكذلك انجاز حزمة التشريعات، تمهيدا للحكومة لاستكمال تطوير بيئة الاعمال، واتخاذ الاجراءات الكافية لتحسينها، واصدار الانظمة والتعليمات المتممة لتطويرها، وتنفيذ النافذة الواحدة للاستثمارات كافة، سواء في قطاع الطاقة أم في المناطق التنموية أم الاستثمار في المناطق الجغرافية الأخرى في المملكة.
رؤية متقدمة في التقرير، لا بد من الاشارة لها، حول إحداث نقلة نوعية في مجال الخدمات التعليمية والصحية، ضمن حوار وطني تشارك فيه المؤسسات الوطنية المعنية جميعها، ويتولى مجلس النواب مشاركة الجهات الوطنية في القضايا والتشريعات كافة، التي تقوم بها اللجان المختصة، اضافة الى ان اللجنة المالية عليها ان تتابع الخطط التنفيذية لكل من وزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الصحة في موازناتها.
التقرير مليء بالحيثيات والمعطيات الايجابية، لكنه يعكس النتيجة الطبيعية للنهج الاقتصادي والمصطلح عليه الإصلاح الاقتصادي!! وهو أمر لم يبق أحد ليدافع عنه سوى فئة قليلة من النخب الأردنية التي تتبنى نظرية اقتصاد السوق، وتروج لتبعية الاقتصاد الأردني لمراكز الرأسمالية العالمية، أي صندوق النقد والبنك الدوليين، من دون أن تطرف عيونهم التي لا تستطيع أن ترى حجم الخراب الذي حلّ بالاقتصاد والمجتمع الأردني بسبب هذه السياسة المدمّرة.
على مجلس النواب استثمار تقرير لجنته المالية الايجابي، وتقديم اقتراحات باعتماد سياسة تنموية شاملة في البلاد، بديلًا عن اقتصاد الخدمات، والتبعية التامة لشروط صندوق النقد، وضرورة التوجه إلى بؤر الفقر في المحافظات والمناطق النائية وتوجيه مسار المشروعات المتوسطة والصغيرة.
نتمنى ان لا نسمع خطبًا صاخبة من النواب ضد الحكومة بسبب مطالبات جهوية وعائلية.
المطلوب فورًا؛ تقديم رزمة متكاملة تشتمل على بدائل جادّة ورصينة ووطنية بالطبع للسياسات الاقتصادية المتبعة، التي تصر عليها الحكومة الحالية والحكومات التي سبقت، من دون أي ربط من قريب أو بعيد بمطالب الشعب، ومشروع الإصلاح الاقتصادي.
(العرب اليوم 2015-02-19)