لنفتح جبهة المناهج

ليس تعقيبا على المقالات والندوات التي راحت تتلمس الخطر المحتمل من الدعوة لمراجعة المناهج، وبالتالي على البيئة الحاضنة للرجعية والتخلف وثقافة القرون الوسطى، بل لأن هذه المراجعة ضرورية وملحة وراهنة، ولا تقل أهمية عن الاجتثاث الميداني للجماعات الاجرامية الظلامية التكفيرية وغيرها من إنتاج مطابخ الدوائر الأطلسية والصهيونية…
ويكفي ان نتذكر طبيعة القوى المتخلفة والرجعية التي جرى تسليمها وزارات التربية والتعليم في معظم البلدان العربية، وذلك بعد وفاة زعيم الأمة وضميرها ووجدانها الجمعي، جمال عبد الناصر، وما تلاها من موجة ردة رجعية نفطية انطلقت مع الساداتية وخطابها الاسلاموي مقدمة لكامب ديفيد مع العدو الصهيوني.
وكان العنوان العام لهذه الردة النفطية، استبدال الهوية والخطاب القومي العربي التقدمي بهويات فرعية طائفية، وبخطاب إسلاموي مبرمج في دوائر الامريكان والموساد..
وكان ملاحظا في كل ذلك الهجمة على المراجعات العقلانية وكتب الفلسفة والأدب والفنون الرفيعة ومحطات الشحن القومي النضالي ضد الغزاة والمستعمرين العثمانيين والأطلسيين عموما..
كما صارت الحقول الثقافية والأجناس الابداعية المختلفة والمنطق النقدي هدفا آخر لهذه الهجمة، فما من ثقافة ولا اداب ولا فنون للنحت والتشكيل والسينما والمسرح خارج عباءة اليسار.
وجنبا الى جنب مع هذه الاستهدافات لقوى التخلف والظلام والتكفير، جرى تقديم المرأة في مناهج الردة النفطية بصورة مزرية.
ايضا وفي غياب بل واسقاط دور الأزهر الشريف كما اراده جمال عبد الناصر والشيوخ الكبار امثال شلتوت، تسللت نزعات ودعوات الاحتقانات الطائفية، وتوسع تأثيرها مع الحشد الأطلسي الرجعي في افغانستان..
وقد ادى كل ذلك الى هذه المناخات التي نعيشها اليوم، ما جعل العصابات الاجرامية التكفيرية مثل داعش وجبهة النصرة وانصار الشريعة وبيت المقدس وغيرها من تفريخات الموساد والرجعية أعقد من ان تكون مجرد جماعات للجريمة المنظمة باسم الاسلام.
فخطرها يطال العقل الجمعي برمته معززا بالفساد والخراب والتبعية والتلقين والاحادية.
لكل ما سبق، وفي سياق مواجهة شاملة تطال بنية التبعية الكيانية الاجتماعية – الاقتصادية – السياسية، فلا بديل، ابتداءً، عن فتح معركة المــــــــناهج وتحريرها من الفكر الرجعي والتلقيني، وتغييرها على اساس العقلانية التنويرية والخطاب القومي.
(العرب اليوم 2015-02-26)