اللجنة الشرعية للمالية التشاركية في المغرب

تم نشره الخميس 26 شباط / فبراير 2015 01:32 صباحاً
اللجنة الشرعية للمالية التشاركية في المغرب
د. عبد الباري مشعل

1. صدر قانون المالية التشاركية في المملكة المغربية بتاريخ 2 نوفمبر 2014، باستحداث البنوك التشاركية (الإسلامية)، وفي قراءة سابقة للقانون كان اللافت في القانون الاعتماد الحصري على المجلس الإسلامي العلمي الأعلى من أجل إبداء الرأي بالمطابقة الشرعية. والمجلس المذكور يمثل الإفتاء الرسمي على مستوى المملكة المغربية، وله مجالس محلية تغطي كل الأقاليم، وهذا القانون يعتبر خطوة متقدمة في طريق توحيد المرجعية الشرعية لجميع المؤسسات المالية على التراب المغربي.
2. ويبدو أن الفاعلين في المغرب في كل من المجلس الإسلامي العلمي الأعلى والخبراء ذوي الاختصاص تفاعلوا بشكل إيجابي مع فكرة توحيد المرجعية الشرعية، وقدروا بأن المالية الإسلامية تحتاج إلى نمط خاص من العلماء حتى لا تكون المرجعية العليا للمجلس ذي التخصص العام عائقًا أمام تقدم المالية الإسلامية الناشئة في المملكة، وقد أثمر هذا التفاعل عن إصدار ظهير (مرسوم) ملكي متمم للقانون المذكور بتاريخ 20 يناير 2015 يقضي بإنشاء «اللجنة الشرعية للمالية التشاركية» في إطار المجلس الإسلامي العلمي الأعلى. ويعرف المقال باللجنة وأبرز ملامحها وأبعادها.
3. أناط الظهير الملكي بهذه اللجنة الشرعية المطابقة الشرعية للمنتجات ونماذج العقود، ومناشير والي بنك المغرب المركزي، وعمليات صندوق ضمان ودائع البنوك التشاركية، وعمليات التأمين التكافلي، وإصدارات الصكوك. وبالتالي يكون من مهام اللجنة توحيد المرجعية الشرعية على مستوى القطاع المالي في المغرب بالكامل الذي يشمل البنوك والتأمين وشركات الاستثمار. ويمكن ملاحظة ثلاثة ملامح للجنة طبقاً للظهير؛ التكوين، والاستقلالية، وإجراءات العمل.
4. التكوين: تتكون اللجنة الشرعية -بالإضافة إلى المنسق- من تسعة أعضاء من بين أعضاء المجلس الأعلى المذكور، ويعينهم الأمين العام للمجلس، وتستعين على سبيل الاستشارة بخمسة خبراء دائمين من ذوي الاختصاص.
5. الاستقلالية: لا يمكن الجمع بين عضوية اللجنة، وعضوية أي من الهيئات أو الجهات المذكور في الظهير، وتصدر آراء اللجنة بإجماع المشاركين في الاجتماع من أعضائها.
6. إجراءات العمل: تصدر اللجنة أدلة مرجعية لعملها، وأدلة استرشادية تكون رهن المؤسسات التي يشملها الظهير للاستناس، لكن لا تحول هذه الأدلة دون طلب إبداء الرأي بالمطابقة الشرعية من اللجنة الشرعية. ويحال طلب الرأي إلى اللجنة من بنك المغرب بشأن الطلبات المقدمة من مؤسسات الائتمان، ومن هيئة مراقبة التأمينات بشأن الطلبات المقدمة من شركات التأمين وإعادة التأمين، ومن هيئة سوق الرساميل بشأن طلبات إصدار شهادات الصكوك.
7. بصدور هذا الظهير المتمم للقانون تعزز التجربة المغربية المرجعية الشرعية الموحدة على مستوى القطاع المالي في المغرب، ويعني هذا غياب الفتوى الخاصة على مستوى كل المؤسسات المالية في المغرب، وغياب وجود اختلاف في الفتوى على مستوى القطاع بفعل تعدد الهيئات على غرار ما هو موجود في عدد من التجارب الأخرى، وهذا يضيف تجربة جديدة للمنطقة العربية على غرار التجربة الأندونيسية.
8. إن غياب الفتوى الخاصة، تغيب معه الهيئة الشرعية التي اعتدنا عليها على مستوى كل بنك، ويمكن أن يعوض كما اقترحت في أكثر من مناسبة بمستشارين في المؤسسات على غرار المستشارين القانونيين، يسمح اختصاصهم بالاستئناس بالأدلة الاسترشادية التي تعدها اللجنة، وإعداد طلبات الرأي المذكورة بشكل أقرب إلى منهجية اللجنة المعلنة في أدلة العمل والأدلة الاسترشادية، الأمر الذي يساعد ذلك على تسريع أعمال اللجنة.
9. ومن خلال قراءات فاحصة للخطوات الجوهرية التي تتخذها التجربة المغربية أنوه بأن مصداقية أي تجربة تقاس من خلال التدقيق، وأتطلع إلى أن تكون الخطوة القادمة في التجربة المغربية هي إعادة توصيف وظيفة المدقق المالي المستقل (الخارجي) لتشمل فحص الالتزام الشرعي في ضوء المطابقة الشرعية الصادرة عن اللجنة لأنه لا يمكن إبداء الرأي بسلامة البيانات المالية في ظل عدم التأكد من سلامة التنفيذ الإجرائي للمنتجات والعمليات من ناحية شرعية، كما أتطلع إلى إبراز وظيفة المدقق الشرعي المستقل، ودراسة مدى إمكانية أن يقوم بهذا الدور المدقق المالي المستقل، أو يتم استحداث وظيفة مستقلة موازية لوظيفة المدقق المالي المستقل.

(السبيل 2015-02-26)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات