مكافحة البطالة وفقر الاستراتيجيات

تم نشره الخميس 26 شباط / فبراير 2015 01:35 صباحاً
مكافحة البطالة وفقر الاستراتيجيات
د. موسى شتيوي

تعد البطالة من المشكلات المزمنة التي يعاني منها الاقتصاد والمجتمع الأردنيان منذ أوائل التسعينيات. وبالرغم من تراجع النسبة حالياً عما كانت عليه في التسعينيات، إلا أنها استمرت بالثبات تقريباً على مدى السنوات الماضية. في المقابل، فإن سوق العمل الأردنية تعج بالعاملين غير الأردنيين، من دول عربية وغيرها. وحسب التقديرات المختلفة، فإن هؤلاء العاملين باتوا يشكلون أكثر من ثلث القوى العاملة في الأردن.
هذا الواقع لم يتغير برغم كل الاستراتجيات والمبادرات وبرامج التشغيل؛ فما تزال البطالة مرتفعة جداً لدى الشباب بالمقاييس العالمية، وما تزال العمالة الوافدة تأتي للأردن وبازدياد. لا بل أكثر من ذلك، وقد يكون أخطر، أن هذه العمالة بدأت تزداد في القطاع الخاص المنظم، مبددة بذلك الاعتقاد بأن العمالة الوافده تعمل فقط في القطاع غير الرسمي أو غير المنظم. وحسب مسوح المنشآت الاقتصادية الذي تنفذه دائرة الإحصاءات العامة، فإن نسبة من يعملون في القطاع المنظم من غير الأردنيين تتجاوز 10 %.
وعلى جانب العرض، فإن المتعطلين من حملة "التوجيهي" فما دون، تبلغ نسبتهم 51 %، حسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة للعام 2014، منهم 44 % حاصلون على تعليم أقل من الثانوي. وهذه الفئة هي التي تعمل، غالباً، بالمهن غير الماهرة. وإذا ما نظرنا إلى العمالة الوافدة، فسنجد أن غالبيتها من العمالة الماهرة وشبه الماهرة من ذوي التحصيل العلمي المتدني. والسؤال المهم هو: ما الذي يحدث لهذه الفئة من المتعطلين؟ وماذا يحدث للذين لا يكملون "التوجيهي" كل عام؟ الاحتمال الأكبر أنهم يصبحون عالة على أهلهم وعلى الدولة، وسيتزوجون مبكراً وينجبون أطفالاً كثرا، وقد يكونون عرضة للانخراط بسلوكيات تنطوي على مخاطر.
والتركيز على فئة المتعطلين من ذوي التحصيل المتدني لا يعني إهمال المتعطلين من حملة الدبلوم والبكالوريوس، لكن هذه الفئة الأخيرة تحظى باهتمام أكثر من غيرها، سواء في جهود إصلاح التعليم العالي، أو في الاستراتيجيات المختلفة للتشغيل. لكن أردت التنبيه إلى أن أكثر من نصف المتعطلين يتمتعون بخصائص مشابهة أو مطابقة للعاملين الوافدين، وبما يؤشر على وجود مشكلة حقيقية في طريقة التعامل مع هذه المعضلة ومعالجتها.
لا يوجد حل سحري لمشكلة البطالة. لكن المؤكد أن طريقة فهمها وكيفية معالجتها المعمول بها حالياً، لم تستطع إحداث فرق. والمطلوب هو إعادة النظر، أو التغيير في الأسلوب الحالي. وهذا يتطلب عدداً من الإجراءات، منها أن نسعى إلى فهم حقيقي لسوق العمل الأردنية وديناميكيتها. إذ إن كل الدراسات التي تجري هنا تقدم معلومات عن الأردنيين في سوق العمل، وليس عن كل العاملين في هذه السوق، ما يعطي معلومات ناقصة في أحسن الأحوال، أو مشوهة في أسوئها. وبالتالي، يجب إجراء دراسة تشمل كل المنخرطين في سوق العمل الأردنية. أما الإجراء الثاني الضروري، فهو دراسة وفهم سوق العمل في القطاع غير المنظم، والذي يشكل ما يزيد على 40 % من الاقتصاد الأردني، وهو في ازدياد، بخاصة مع تفاقم أزمة اللجوء السوري. وأخيراً، علينا أيضاً البحث عن الأسباب والعوامل الكامنة والخفية التي تساهم في تعاظم هذه المشكلة.
لقد غدت البطالة من أهم المشكلات التي تواجه الأردن اليوم. ويبدو أننا لجأنا لحلها بالتعايش معها، وليس مكافحتها. وكل الجهود المبذولة لم تنجح في معالجة هذه المشكلة. وقد بات ضروريا أن نفكر بطريقة مختلفة من ناحية كيفية فهم الظاهرة ومعالجتها، ولا بد من أن نفكر خارج الصندوق هنا. فالبديل هو ترك الشباب للانزلاق نحو مشكلات خطرة، مثل الجريمة والمخدرات والتطرف، والتي ستكون كلفتها أعلى من كلفة معالجة البطالة.

(الغد 2015-02-26)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات