المسؤول
إن نجاح أي مسؤول في منصبه سواء كان مديرا وزيرا رئيس وزراء يتأتى بمعرفة ما له وما عليه ،وبما لديه من قدرة على توظيف وتكيف مجال العمل بمعرفة مهارة كل من يعمل لديه مستغلا معرفته وخبرته بتوظيف مهارات وقدرات موظفيه كل حسب قدرته ، ومستغلا ايضا كل الموارد المتوفرة بايجابيتها وسلبيتها ، فياخذ بيد المقصر ويبارك للمتفوق ، وهو القادر بخبرته على تحويل السلبيات إلى إيجابيات ويحول المقدرات البسيطه إلى قدرات فاعلة منتجة مبتكرة ومبدعة.
اما المسؤول الفاشل ويا لكثرتهم في زماننا هذا،!! فهو مسؤول متقوقع على نفسه ، لا يجد للإبداع طريقا، ، وليس في مجال عقله وفكره مساحة من التفكير لأبعد من موعد أنصراف العمل بعد قضاء يوم في الدوام،لإنه بمخه وعقله المتحجرالمتقوقع يبدو كزجاجة مملوءة ومقفلة ، غير قابلة، للتمدد او الزيادة ،لأخذ مساحة من التفكير ، لإن هذه الزجاجة لو زاد حجمها والضغط عليها ،ستنفجر،فعقله لا يتسع لما هو جديد بل لا يتقبله، ذلك أن مخ هذاالمسؤول الفاشل غير قادر على مجارات المستجدات ومواكبة التطور وليس في جعبته ما يطور به الإدارة وتطوير الموظفين لأنه في الأساس عبارة عن زجاجة محدودة السعة. فمخه متوقف عند نقطة محددة بل مقفل ومغلق ،فلا مجال للقبول بالجديد ، وليس لديه، الرغبة بالتغيير،فهو الوبال والعلة على الموظفين وأن لم يكن على الوطن بأسره،وهو العقبة الكأداء أمام التطور والتطويرفي مجال عمله ، وهو العائق امام المبدعين والمبتكرين من ابناء الوطن المخلصين.
أن المسؤول الناجح هو من يتفهم ويتفتح بذهنه وفكره بتقبله لكل جديد، فيكون مستقبلا لكل تطوير، ويكون محللا لكل مدخلة ومخرجة يمكن ان تساعد في التطوير، وهو المستمع لكل رأي وهوالمتأني في كل عمل وهوالدارس لكل قرار وهوالذي يطور من نفسه دائما ويبعث عن خلايا التطوير في نفوس موظفيه ويعرف كيف يرفع مستوى طاقاتهم وأبتكاراتهم وإبداعتهم، وينشط ذهنهم ويحتويهم كما يحتوي رب الأسرة اولاده جميعا على اختلاف درجاتهم، وتراه المبادر إلى الأعمال الجديدة والمقترحات والابتكارات ،والمشجع لمن حوله من الموظفين للإسهام والمشاركة في تفعيل العمل والبحث عن أساليب جديدة لتغيير روتين العمل وتحسين جودته وأدائه.
وأما المسؤول الفاشل ولأنه زجاجة مغلقة ومحدودة السعة، فأنه لا يقبل بذلك أبدا وإن حاول فسيكون إما ناقلا لفكرة ما أو سارقا من الشبكه العنكبوتيه لجهد غيره وإذا ما عمل ضاع وتخبط وتخبطت الإدارة زيادة على ما هي فيه، لأن الأخذ ليس كالمعطي ،وهذا ما لا يعرفه المسؤول الفاشل الذي يسرف في النقل ويحتاج إلى صفعة لتوقظه من سبات ألـ(القص واللصق).
فهو باختصار لن يقدم جديدا وليس باستطاعته تقديم الجديد لأنه مسؤول فاشل وفاقد الشيء لا يعطيه، فلا غرابة أن يضيع الكوادر الفاعلة على المؤسسة التي يعمل فيها بكل جدارة واستحقاق.
والمسؤول الفاشل هو الذي يعيش الوهم في القيل والقال ومتابعة الأمور الفاشلة والتافهة ، فلا يسلم أحد من موظفيه من المناكفات والمهاترات والترهات،ولأنه مسؤول فاشل فلا يجد طريقا لمناقشة ومباحثة موظفيه في مهماتهم وأعمالهم ولا يناقشهم في واجباتهم المهنية،إن عملوا أو لم يعملوا ، إن تفانوا او قصروا. وقد يتفنن في الشللية لمعرفة القيل والقال،لإنها إعشوشبت في عقله المتحجر،وبداخل نفسه التي لا تحب أن تعيش إلا في جو المشاحنات والمشكلات والبعد عن الراحة والطمأنينة والسكينة والهدؤ.!
والقيل والقال ليس من شمائل الرجال وأدبياتهم أصلا ،وهو عند النساء أقوى وأكبر لأن معظم النساء جبلن على هذه الطباع فهن يخضن في كل شيء ومن أجل لا شيء في ماذا صنعت وماذا أكلتِ وماذا طبخت وما ذاشربت ،و فلانة جميله ولكن عريسها قصير، وفلانة سافرت وفلانة حضرت وفلانة قالت وفلانة فعلت... إنها شيم النساء وجبلتهن ، مع كامل الاحترام والتقدير لجميع النساء!
والمسؤول الفاشل قد لا يدري أو يحس بفشله فهنا تكمن المصيبة وإن كان يعلم فالمصيبة أعظم، وأعظم ما فيها حين يكتشف الموظفون أنهم لا يتعاملون مع مسؤول فاشل فقط! بل فاشل وغبي وجاهل،ومهمل ومستهتر، عندها تعظم المصيبة وتكبر وتتسع . قال الأمام علي (رضي الله عنه): «ما جادلني عالم إلا وغلبته وما جادلني جاهل إلا وغلبني».
فالنصيحة للمسؤول الفاشل أن يتفكر في نفسه لحظة ولينظر إلى نفسه برهة ويراقب تصرفاته ويعلم أن سر الحياة فيما ستتركه خلفك من عمل طيب ومعروف وصنيع لا ينسى وسيبقى في عقول من بعدك.
فعليك ايها المسؤول في خلق صداقات لتكن معك قبل فوات الأوان، فإن بادرتك أزمة مالية فستجد من يساعدك وإن اعترتك أزمة نفسية فستجد من يواسيك، ولكن أن ذهبت الصحه وساءت، فهل ستجد من يعطيك الصحة أو يهديك الراحة النفسية؟ فالشباب إلى هرم والقوة إلى ضعف والصحة إلى مرض وهزال ،والحياة إلى موت، والواسطة إلى زوال ،والنفوذ إلى عدم،والجاه لا يدوم، ويبقى الله، هو القاهر فوق عباده.
فارحم نفسك أيها المسؤول من الفشل وأدرك طريق النجاح في حياتك ما بقي، فرصيد المسؤول الناجح هو حب واحترام الغير والآخرين بحسن المعاملة وطيب العشرة، وخدمة الناس وأبناء الوطن والتخفيف عنهم بحسن التصرف ، والتدبر والتدبيروعدم التضيق عليهم، قبل ان يضيق عليك قبرك، بسؤ فعلك.