كلاب "العدو" تنهش أطفال فلسطين

في غمرة "حفلة الجنون"، و"الفوضى المنظمة" التي تجتاح العالم العربي، ولم تكتمل فصولها بعد، باتت فلسطين كما هي العادة، خبرا على الهامش، لا يحظى باهتمام بحجم المأساة التي يعيشها الفلسطينيون.
بثت إحدى الفضائيات "الإسرائيلية" شريطاً يُظهر جنود الاحتلال وهم يمسكون طفلا فلسطينيا، وكلابهم تنهش جسد هذا الطفل، وهم يضحكون من هذا الموقف الذي لا يقل بشاعة عما يفعله "التكفيريون" في من يقع بأيديهم مخالفاً لهم. ولم لا يكون كلا الطرفين يشتركان في بث الرعب والقتل في نفوس الآمنين؟! فـ"التوراة" تحلل قتل "الأغيار"، وفتاوى التكفيريين كذلك، والمنبع لبغض البشر سلاحهم فيه "الدين المشوه" الذي رسموا خطوطاً له جعلت منا عرباً "منبوذين"!
منظر الطفل الفلسطيني نحيل الجسد مرعب ومخيف، وصرخاته أزعم أنها هزت أركان العالم الساكت على مثل هذه الممارسات المتكررة من قبل العدو الصهيوني، الذي صنع من تعذيب الفلسطينيين "إيقونات" يهتدي بها الضالون من البشر.
العرب مشغولون قبل "حفلة الجنون" عن فلسطين في ترتيب بيوتاتهم الداخلية بما يتناسب وإرادة السيد الأميركي الذي يقفل أي فم يُفتح ويقول فلسطين، فما بالك بعد "حفلة الخراب" التي أكلت الأخضر واليابس، والكل شركاء فيها بغض النظر عن الاسم والرسم الذي تتخذه طريقاً للتخريب في مفاصل الأمة.
سكوتنا عن فلسطين في هذه اللحظة التاريخية الحرجة التي نمر بها، يفسح المجال لمزيد من التفنن في ممارسة البشاعة ضد الفلسطينيين من قبل دولة الاحتلال التي تركت بصماتها في كل خراب يمسنا، ويترك "للوكلاء" الحديث عنها طالما أنها أصبحت في حكم النسيان، ونسمع النزر اليسير عن بشاعة ما يدور فيها، من قتل وتهجير وقضم ما تبقى من أرض فلسطين من خلال توسيع رقعة الاستيطان.
والعالم بشقيه، الحر و"العبيد" منهم، يقدم كل الدعم لدولة العدو، وتتهافت عليها المساعدات المالية والعسكرية، والدعم الدولي غير المحدود في ما تسمى "الأمم المتحدة"، والطفل الفلسطيني الذي يصرخ من نهش "كلاب الكلاب" له، لم نسمع صدى له، وذهبت صرخاته وجسده النازف أدراج الرياح، كعادة المنسيين في فلسطين، الذين تركناهم وحدهم يقارعون سطوة وجبروت العدو.
إعلامنا العربي لم يعد يأبه بما يجري هناك؛ فالتغطية مستمرة عن ثورات "الربيع العربي"، في اليمن ومصر وسورية والعراق، والبث المباشر من فضائيات العالم كذلك مشغولة بإحصاء عدد القتلى في هذا البلد أو ذاك، أما فلسطين فليست سوى مسرح للقتل والتعذيب الصامت، لا يجري الحديث عنه.
علينا أن نخجل من أنفسنا؛ كتابا ومثقفين وسياسيين. فالواجب الأخلاقي إن وجد، يحتم علينا أن نعيد فلسطين وما يجري فيها، إلى صدارة الأحداث، فهي مفتاح حل الأزمات التي نعيشها!
(الغد 2015-03-04)