في غياب الشفافية !!

تم نشره الأربعاء 04 آذار / مارس 2015 02:34 صباحاً
في غياب الشفافية !!
خيري منصور

من يتحدثون عن جدوى الشفافية فقط كمن يقول شبه جملة مفيدة، لها مبتدأ لكنه بلا خبر، وقد يكون الأهم في هذا السياق هو الوجه الآخر للمسألة، اي ما يترتب على غياب الشفافية وحجب المعلومات، وهو بالضرورة اللجوء الى الاستنتاجات والبحث عن الحيثيات والقرائن، ولأن هذه قضية نسبية فإن مجال الاختلاف فيها كبير، لأنه مشروط بمنسوب الوعي والخبرة، ومهما بلغ الاستنتاج من المهارة فإنه لا يُعوّض غياب المعلومة لأنه عرضة للاسقاط النفسي والايديولوجي وفيه مجال رحب وحيوي للخيال السياسي الذي يذهب بعيدا ويحلّق عاليا في بعض الاحيان، مما يهدده بالانفصال عن جاذبية الواقع .
وعصرنا الذي تتردد فيه كلمة الشفافية بشكل مضجر خصوصا وان هذه الكلمة تستخدم بمعناها المباشر، وتقترن بموروث جنسوي لدى شعوب عانت من فائض الكبت بمختلف محاصيله، فإن الأذى الذي يترتب على غيابها او بمعنى ادق تغييبها لا يدركه الا من جربوا الاقصاء عن قرارات منها ما يخص مصائرهم الوطنية والشخصية، وقد كتب واحد من أبرز مثقفي وروائيي عصرنا هو ميلان كونديرا مقالة بالغة الاهمية والثراء في دلالاتها بعنوان « كثافة الدولة وشفافية الفرد « ، فبقدر ما تتوغل الدول في الغموض وتحاط بالاسوار يطالب الفرد بالتعري واحيانا يتعرض لأشعة x كي يكتشف ما في احشائه، خصوصا بعد ان اوشك ان يكون لكل مواطن كاميرا تراقبه، فعدد الكاميرات في لندن وواشنطن لم يتوقعه حتى صاحب 1984 جورج اورويل الذي جعل ممن اطلق عليه اسم الاخ الاكبر كابوسا يتسلل الى غرف النوم والحمامات !
الاستنتاج رياضة منطقية تبدأ بالهواية وتنتهي الى الاحتراف وأخطر ما في ذلك هو القياس، بحيث يسترشد من يقوم بهذه العملية باحداث سابقة مماثلة، رغم ان السياسة بمعناها الحديث نشاط مضاد للقياس لانها تعتمد المفاجآت احيانا، فيأتي من الشرق ما كان متوقعا قدومه من الغرب او الشمال .
والاضطراب الذي يحدثه غياب الشفافية في مجتمعات تعاني من التوتر يعمق خطوط الاختلاف ويحفر حدودا بالفأس كانت من قبل مرسومة بالطباشير او قلم الرصاص !
ان الافراط في الثرثرة عن اي شيء هو الدليل على غيابه، فمن يتحدثون طيلة الوقت عن الديموقراطية هم الذين لا يمارسونها لهذا تتحول المصطلحات الى أيقونات او حجارة كريمة، الشفافية ليست كما يتصور البعض مجرد تصريحات موسمية او تعليقات باردة على احداث ساخنة، انها مفتاح الشراكة وأحد اهم اقانيم المواطنة !!

(الدستور 2015-03-04)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات