الكتب بصيغة الـ " بي دي اف" محفز لانتشار الثقافة ولا يجوز انتهاك حقوق المؤلف
المدينه نيوز - وفر التقدم التقني في مجال الاتصال فضاء رحبا انعكس على مختلف العلوم والمعارف التي شهدت ما اصطلح عليه (بثورة المعلومات) والتي تحولت من المحسوس إلى الرقمي، هذا التحول طال المؤلفات والكتب في مختلف مجالات العلوم والمعرفة.
ومع هذا التطور التقني والمعلوماتي برزت جدليات كثيرة منها موضوع المؤلفات والكتب الورقية والالكترونية (الرقمية) من حيث حقوق التأليف والنشر وكذلك أيهما يشهد إقبالا أكثر ويسهم في نشر المعرفة وإتاحتها لمختلف فئات المجتمع بكل مستوياتها الاقتصادية والفكرية والتعليمية، وبالتالي انعكاسها على المستوى الفكري لطلبة الجامعات ومدى اطلاعهم على المحتويات العلمية الورقية والالكترونية لكونهم الأكثر حاجة وإقبالا عليها بحكم انهم في مرحلة الدراسة الجامعية.
وللتعرف على تلك الجدليات التقت وكالة الإنباء الأردنية (بترا) عددا من المختصين في هذا المجال .
وجهة النظر الإسلامية في المواد العلمية أوضحتها المجامع الفقهية بأنها حقوق وأموال لأصحابها فلا يجوز سرقتها ولا التلاعب بها ، ولا الاعتداء عليها بأي شكل حيث جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ( قرار : 43 ) : ان " الاسم التجاري ، والعنوان التجاري ، والعلامة التجارية ، والتأليف والاختراع أو الابتكار ، هي حقوق خاصة لأصحابها ، وأصبح لها في العُرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمويل الناس لها ، هذه الحقوق يعتد بها شرعًا فلا يجوز الاعتداء عليها".
فإذا كانت حقوق التأليف محمية فالاعتداء عليها سرقة توجب العقوبة التعزيرية ، ولا توجب الحد لانتفاء شروط تطبيقه عليها ، وأما إن كانت غير محمية ، ومتاحة لمن أراد كبعض المؤلفات والاختراعات ، فلا حرج في الاستفادة منها ، ولا يعد ذلك اعتداءً عليها .
يقف الدكتور مروان حامد وهو صاحب مؤلفات ورقية والكترونية الى جانب المؤلفات الورقية مستشهدا بما يتولد لدى القارئ من لذة خاصة في تقليب الصفحات وتسجيل الملاحظات التي تطفو على لحظة تجلي الفكر لدى القراءة، غير مقلل لمكانة قراء الكتب الرقمية مؤكدا " أن قراءة الكتاب ورقيا كان أم إلكترونيا في كل منهما تحفّيز لعقولنا وتوسيع لمداركنا ومنهما نستمد المعارف التي تساهم في تكوين شخصياتنا وثقافاتنا مشددا أن الكتاب الورقي هو الوسيلة الأنقى للمعرفة، وسيبقى هو سيد الموقف رغم انتشار الكتاب الرقمي " .
مدير الدراسات والنشر في وزارة الثقافة الدكتور هزاع البراري أشار إلى حسنات ومساوئ التقنيات الجديدة التي تعد أبرز إفرازات العصر الحديث، حيث اسهم تداول المعلومات والمدونات في تسريع وتيرة التقدم والتطور في كل المجالات، مشيدا بقدرة التقنيات الالكترونية الخارقة في أتاحة المجال لتدول الكتب على شكل صيغ رقمية (pdf ) ما سهل نقل المعرفة وتبادل الكتب .
واضاف ان هذه الوسائل عرفت بالكتب والكتّاب على نطاق أوسع لكن ذلك أضر كثيراً بحقوق الكاتب وحقوق الملكية الفكرية وهذا له مردود عكسي على الاقتصاد والتنمية الثقافية، وهو بلا شك نوع من القرصنة، مؤكدا ضرورة التركيز على الكتاب الإلكتروني الذي يتم تحميله مقابل مبلغ مالي يعود للناشر والكاتب ،الذي من شأنه تطوير النشر الإلكتروني وتعظيم مكاسب الحركة الثقافية.
أما الناشر إبراهيم الشلول فيقول أن القضايا التي تواجه دور النشر تتمثل في نسخ وتصوير محتويات الكتب وإعادة توزيعها بطريقة غير مشروعة تنتهك الأمانة العلمية وتضر بالناشر والمؤلف وتكبدهم خسائر مالية مشيرا الى قيام بعض المكتبات بتصوير الكتب الأصلية وتوزيعها دون مراعاة حقوق النشر والمؤلف مؤكدا على تنوع الانتهاكات وزيادة عمليات المسح الضوئي للكتب والمؤلفات وتداولها على مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات بصورة رقمية .
واشار الى ازدياد عمليات الاقتباس من المحتوى الفكري والعلمي الموجود وعدم مراعاة الحقوق الملكية والفكرية له مبينا ان العلامة التجارية للناشر او المؤسسة تضمن للمستهلك جودة المنتج وتضمن مصداقيته ليصار الى حصول الفرد على محتوى مخرج بطريقة صحيحة بالطرق القانونية والمسؤولية العلمية المعترف بها .
واكد ان سبب عدم تطور العلوم والمعرفة هو ازدياد نسبة الاقتباس من المؤلفات الموجودة وتكرارها بصيغ مختلفة الامر الذي يحد من تطور المعلوم والمعرفة لدى الأفراد ويؤدي الى تكرارها وكذلك انعدام الإبداع الفكري والعلمي والأدبي والأخلاقي في مختلف المجالات لاعتماد النسخ واستخدام المؤلفات بصورة غير شرعية وقانونية، موضحا ان النشر بصورة غير قانونية ادى للتشكيك في مصداقية المؤلف والعلامة التجارية وانتهاك المحتوى الفكري او العلمي او الأدبي للمؤلف ونسخه بصورة غير شرعية والتعرض للمحتوى وتعديله او نسبه لشخص آخر ونشره ضمن علامة تجاريه أخرى بالتالي ضياع المجهود المبذول فيه .
من جهته يؤكد الطالب في الجامعة الأردنية حسن عادل ان التقدم التكنولوجي ساهم في انتشار الكتب بالصورة التي تناسب هذا العصر حيث لم يبقى زمن الكتاب الورقي محصورا على احتوائه الثقافة والمعرفة بل امتد الى توفره بصيغة رقمية تمكن الجميع من قراءته وتبادله مع الآخرين مؤكدا ان توفر النسخ الالكترونية من الكتب قلل من عبء البحث على رفوف المكتبات ومكن الجميع من الحصول على الكتاب وامتلاكه دون ان يحتكره احد .
ويقول معد البرامج في إذاعة جامعة اليرموك عامر الصمادي حول استطلاع لأراء الشباب الجامعي ان جولة بين الطلبة قد توضح العديد من المعالم لتداول الكتب الورقية والالكترونية بينهم ؛ فرأيهم في قراءة الكتب يتراوح بين عدم الاهتمام إلا بما يلزمهم به مدرس المساق في الجامعة او اهتمامهم ببعض الروايات والقصص الأدبية المتنوعة والمنتشرة الكترونيا على هواتفهم الذكية مشيرا الى ندرة وجود من يهتم بالثقافة والمعرفة وان رغبة الشخص بالقراءة تتشكل فيما يثير اهتمامه فقط .
خبير التجارة الالكترونية خلدون العيسى أكد ان ازدياد انتشار الكتب المتوفرة من الماسح الضوئي وانتشارها عبر الانترنت ساعد على ضياع حقوق الملكية والفكرية وساهم في جعلها عرضة للانتهاك من قبل مجهولين مؤكدا ان الطريقة الأضمن للحصول على منتج محمي ومتوافق مع الأسس العلمية هي الشراء من مواقع متخصصة في بيع الكتب تحمي الناشر والمؤلف من التعرض لمجهوده العلمي حيث يوجد ما يسمى عمليات ما قبل البيع تكفل المصداقية وتعرف الزبون بالناشر والمؤلف وتضمن سلامة المنتج وتحافظ على سمعتها من خلال ذلك .