السلطة الخامسة اعلام عابر للجغرافيا قد يهدد الصحافة
المدينه نيوز - تواجه الصحافة تحديا جديدا قد يجردها (عرشها) في ظل طوفان ثورة مواقع التواصل الاجتماعي التي يقودها عامة الناس وكسروا من خلالها الحواجز للعبور الى القلوب المتعطشة لقول كل شيء بعيدا عن عيون مقص الرقيب وسلطاته القانونية الذي يؤطر للسلطة الرابعة تشريعات ناظمة لعملها.
ويري معنيون بالاعلام ان السلطة الخامسة كما يسميها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تنافس سلطتهم التاريخية، اخذت تسيطر على الايقاع اليومي لمتابعيها مؤكدين عدم قدرة اي وسيله اعلامية على الغاء اخرى، بل انها وفقا لهم مكملة لبعضها ويبقى على المتلقي اختيار الوسيلة الانسب للحصول على المعلومات والاطلاع على اخر الاحداث.
وقالوا في احاديث لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان مفهوم السلطة الرابعة يرتبط ذهنيا بالتشريع والدستور فيما الاعلام الجديد لا زال دون تفاهمات تتعلق بتنظيمه قانونيا وتشريعيا بسبب حداثته مشيرين الى ان العالم باسره يحتاج لمواثيق اممية للشرف الصحفي واخلاقيات التعامل مع السلطة الخامسة بهدف تنظيمها دون ان يفسر ذلك بانه قيد على الحريات الاعلامية للحد من حالة الفوضى والاشاعة واساءة استخدام تلك السلطة لاغراض هدامة.
وقال نقيب الصحفيين طارق المومني من الملاحظ انه لم تأت وسيلة اعلام جديدة والغت ما قبلها، والدليل الاقرب على ذلك ان ظهور الفضائيات على سبيل المثال لم يهدد وجود الاذاعات، بل زاد من انتشارها واتسعت جماهيريتها، فلكل وسيلة اعلام ألقها واهدافها وجمهورها مشددا على ان " الاعلام الجديد " مكمل للمدارس الاعلامية المختلفة والتقليدية ومتصل بها ومنطلق منها، لكن اسلوب وطريقة التواصل اختلفت معتمدة على احدث التقنيات فاضحت اكثر لحظية لجهة سرعة الانتشار .
ولم يؤيد الزميل المومني وصف الاعلام الجديد "بالسلطة الخامسة " مشيرا الى ان مفهوم السلطة الرابعة يرتبط ذهنيا بالتشريع والدستور، فيما الاعلام الجديد لا زال دون تفاهمات تتعلق بتنظيمه قانونيا وتشريعيا بسبب حداثته، ناهيك عن الجدل الكوني الدائر حول ضرورة تنظيمه انطلاقا من معايير تضمن المهنية والحرفية واحترام الرأي والرأي الاخر وحرية التعبير دون ان يفسر اي تنظيم على انه قيد على الحريات الاعلامية.
ويذهب الزميل المومني الذي يشغل ايضا موقع نائب رئيس التحرير في صحيفة الرأي الى ان المتلقي ذكي ويميز بين غث وسمين ما يبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكل وسائل التعبير الحديثة، والمواقع الالكترونية حيث شهدث السنوات الاخيرة كما يقول ثورة في عدد المواقع الالكترونية التي ما لبث ان تقلصت بسبب قدرة المتلقي على الانتقاء بين ما يتمتع بالمصداقية منها وما يفتقر اليها.
ويرى ان الاعلام الجديد العابر للقارات هو ضرورة حتمية للتطور بشكل عام لكن الحاجه ملحه للتوصل لضوابط اخلاقية وفقا لميثاق شرف ومدونة سلوك تتماهى مع الحريات الاعلامية وحق الاشخاص في الوصول الى المعلومات، لافتا الى ان ذلك جزء من مخرجات الاستراتيجية الاعلامية التي تعكف الجهات المعنية حاليا على اعدادها لتنظم المشهد الاعلامي وتسهم في تعزيز دوره واهدافه ورسالته.
من جهته يقول رئيس تحرير صحيفة الدستور الزميل محمد التل ان مصطلح السلطة الخامسة قد يطلق على الاعلام الجديد مجازا بيد ان للسلطة الرابعة مكانتها المرموقة في التأثير التي لا زالت طاغية على المشهد الاعلامي سيما وان المتلقي اعتاد ان ينهل معلوماته من الفضائيات والاذاعات والصحف الورقية وحتى من النسخ الالكترونية لتلك الصحف ولكن التطور الطبيعي في ظل التطور التكنولوجي جعل من الاتكال على مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب سبيلا اضافيا للمعرفة الانية وربما اللحظية.
ويواصل التل: ربما نطلق "السلطة الخامسة "على الاعلام الجديد لناحية التصنيف في السياق الرقمي لكن في حقيقة الامر فان تلك السلطة الصحفية تحتاج الى ضوابط ومواثيق وقوانين منبها الى خطورة ما يسمى بالمواطن الصحفي الذي كان نتاجا للعالم الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي لان الصحافة " ليست مهنة من لا مهنة له " بل علم ودراسة ومنهج واصول .
ويبين انه وباسم الاعلام الجديد هنالك من اساء لمهنة الصحافة وآن الاوان للتعامل بمسؤوليه مع الضخ المعلوماتي الهائل لحظة بلحظة اذ لا يوجد ما يسمى بالاعلام البديل، فالاعلام هو اعلام رسالته واحدة في كل السياقات التي يُقدم عبرها .
ويؤكد التل ان الاعلام الجديد لم يرسخ بعد في ذهنية القارئ وهو في كثير من المحطات مصدرا للاشاعة بيد ان الصحافة الورقية رغم كل التغييرات والتطورات ستظل متصدرة وهي المقصد الرئيس للباحث عن المصداقية في حين تعج الشبكة العنكبوتية بألاف المواقع الاخبارية والتي يُعتمد على قلة قليلة منها بعد ان اثبتت مصداقيتها مبينا انه وفي الاعلام بالتحديد لا وسيلة تلغي الاخرى ولكن المتابع هو الذي يحدد طريقته بالوصول للمعلومة وهو الذي يقوم بدوره "بغربلة" الغث من السمين.
الكاتب والصحفي فهد الخيطان لا يحبذ استخدام مصطلح السلطة الخامسة كناية عن الاعلام الجديد ويقول : اننا امام حقائق لا نملك الا التسليم بها وهو تنامي دور الاعلام الجديد لكنه ليس بالضرورة البديل عن الاعلام التقليدي بل هو اعلام مختلف على قاعدة اختلاف الوسائل التي اتاحت التفاعل للجمهور بشكل اكبر مشيرا الى ان الصحف الورقية استفادت من الثورة المعلوماتية عبر نسخها الالكترونية .
ويؤكد هنالك ثمن يدفعه الرأي العام ووسائل الاعلام المهنية جراء التطور الهائل في الاعلام الجديد او " مواقع التواصل الاجتماعي بالتحديد " لجهة غياب المعيارية واخلاقيات العمل الصحفي مضيفا يبقى على المتابع ان يعمل على تنقية ما يبث او ينشر عبر اختياره الانسب الذي يناسب تعزيز المعرفة والثقافة .
ويذهب الى القول : السلطة الخامسة بفوضويتها اقلقت الكثير من الدول والديمقراطية منها والتي بدأت تفكر باجراءات تعمل على تنظيم انسياب المعلومات من مصادرها المهنية ومن ذلك اغلاق مواقع الكترونية لاحتواء الاثار السلبية للاعلام الجديد مبينا ان العالم باسره يحتاج لمواثيق شرف صحفي ومواثيق انسانية عالمية واممية تحد من حالة الفوضى والاشاعة واساءة استخدام التكنولوجيا لاغراض هدامة .
رئيس تحرير صحيفة السبيل الزميل عاطف الجولاني يقول ان الاعلام الاجتماعي يحظى بتزايد في حجم التأثير بصورة سريعة ومتلاحقة متسائلا : هل يتم ذلك على حساب الوسائط الاعلامية الاقدم وهل بالضرورة سيلغي الاعلام التقليدي وبشكل خاص الاعلام المطبوع مستطردا انه وطيلة العقود السابقة لم تنه اي وسيلة اعلام اي وسيلة اعلام اقدم منها وهذا ما يفسر بقاء الاذاعات والفضائيات وتوهجها واستمراريتها .
ما يحصل الان وفقا له ان الصحافة الالكترونية والاعلام الاجتماعي يشهدان تقدما ملحوظا ربما يكون على حساب الصحافة الورقية التي لا تستطيع كما يعتقد الجولاني المنافسة في مجال سرعة نشر الخبر وتجاوز الحدود الجغرافية الامر الذي انعكس ربما على تراجع الصحافة الورقية نوعا ما ولكن التكهن بانقراضها واختفائها سابق لاوانه.
ويرى ان الصحافة الورقية في الاردن تواجه تحديات جمة خاصة فيما يتعلق بحجم الانتشار والتوزيع والمداخيل الاعلانية لكنها تحاول التكيف مع المتغيرات الجديدة ومن ينجح في التكيف قد يستمر في اداء رسالته الاعلامية اما من يفشل فلربما يواجه فعلا خطر الغياب .
ويعود الزميل الجولاني للقول بان الصحف الورقية واكبت التطور فانشأت نسخها الالكترونية الامر الذي جعلها مواكبة للتطور التكنولوجي ما يتيح تعزيز حضورها وأنشأت صفحاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وربما تكون مخرجا لتقليل الكلف المادية على الصحف .
ويضيف : يمكن ان نتحدث عن سلطة خامسة تكون امتدادا للسلطة الرابعة وفي نهاية المطاف وبصرف النظر عن المسميات فان الاعلام القديم او الجديد تكمن قوتهما في مدى التأثير وقد تزاحم السلطة الخامسة اذا ما رتبت حضورها على المقدمة خاصة وانها انشأت ما يسمى بمؤسسة الفرد الاعلامية .
ويتساءل الى اي مدى تتقاطع تلك المؤسسة مع المؤسسات المهنية الصحفية الراسخة قائلا : لربما تتفوق " احيانا " على مؤسسات اعلامية كبيرة خاصة اذا ما طورت ادواتها الصحفية وتعاملت وفق اسس حرفية مهنية .