الجزائر: إجراءات حكومية لمواجهة العنف ضد المرأة تثير حفيظ الإسلاميين
المدينة نيوز :- أحيت الجزائر الأحد، العيد العالمي للمرأة وسط جدل حاد بين السلطة الحاكمة والإسلاميين بسبب تعديلات على قانون العقوبات تقول الحكومة إنها جاءت لمواجهة العنف ضد المرأة ويرى المعارضون أنها إملاءات غربية هدفها سلخ الأسرة عن قيمها وضرب النسيج الاجتماعي.
وصادق المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري)، الخميس الماضي، على تعديلات أدخلتها الحكومة على قانون العقوبات وتدرج لأول مرة عقوبة ضد التحرش بالمرأة في الأماكن العامة ومكان العمل إلى جانب عقوبات ضد الأزواج الذين يثبت ممارستهم لعنف جسدي أو لفظي وحتى الاستيلاء على الموارد المالية لزوجاتهن.
وخلف عرض هذه التعديلات التي سميت “مشروع القانون المعدل والمتمم لقانون العقوبات المتضمن إجراءات جديدة لحماية المرأة من كل أشكال العنف” من قبل وزير العدل الطيب لوح، على البرلمان جدلا في الساحة السياسية مازال متواصلا إلى اليوم بعد أن أثارت حفيظة أحزاب إسلامية .
وفقا للتعديلات نصت المادة 266 مكرر على “توقيع عقوبة تصل إلى 3 سنوات حبس في حق الزوج إذا لم ينشأ على الضرب والجرح العمدي (للزوجة) عجز لا يتجاوز 15 يوما وفي حالة تعدت المدة في العجز 15 يوما فتصل العقوبة إلى مدة 5 سنوات”.
وجاء في المادة 330 مكرر 1 “تسليط عقوبة تصل إلى سنتين حبسا وغرامة تصل إلى 200 ألف دينار (نحو ألفي دولار أمريكي)، على أحد الوالدين، الذين يترك مقر أسرته لمدة تتجاوز الشهرين، كما يعاقب بنفس العقوبة كل من مارس على زوجته أي شكل من أشكال الإكراه أو التخويف ليتصرف في ممتلكاتها أو مواردها المالية، في حين يضع الصفح حدا للمتابعة القضائية”.
كما نصت المادة 333 مكرر على “عقوبة تصل إلى 6 أشهر حبسا وغرامة تصل إلى 100 ألف دينار (نحو ألف دولار أمريكي)، أو إحداهما على كل شخص ضايق المرأة في مكان عمومي، بفعل أو قول أو إشارة تخدش حياءها، وتضاعف العقوبة إذا كانت الضحية قاصرا لم تكتمل سن السادسة عشرة”.
كما جاء في المادة 341 مكرر “عقوبة تصل إلى ثلاث سنوات حبسا وغرامة 300 ألف دينار (نحو 3 آلاف دولار) على كل شخص يستغل سلطة وظيفته أو مهنته بالتهديد أو الإكراه قصد الاستجابة لرغباته الجنسية”.
وستحال هذه التعديلات خلال أيام إلى مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) للنظر فيها بالموافقة أو الرفض، لكي تصبح سارية المفعول، رغم أن مرورها هو الاحتمال الراجح كون هذه الغرفة يسيطر عليها حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم وشريكه في الحكومة، التجمع الوطني الديمقراطي.
وينص القانون المنظم لعمل غرفتي البرلمان أنه في حال رفض مشروع قانون من مجلس الأمة بعد الموافقة عليه من قبل المجلس الشعبي الوطني يتم تشكيل لجنة متساوية الأعضاء بين الغرفتين لإجراء تعديلات متوافق عليها لتمريره أو إعادته إلى الحكومة في حال فشلت هذه الخطوة في الوصول إلى توافق.
وقاطع نواب إسلاميون جلسة التصويت الخميس الماضي معلنين رفضهم لطريقة التصويت وكذا مضمون التعديلات.
وجاء ذلك في بيان صدر عن أربعة أحزاب إسلامية هي حركة مجتمع السلم (29 نائبا)، حركة النهضة (12 نائبا)، حركة الإصلاح (7 نواب)، جبهة العدالة والتنمية (7 نواب)، حركة البناء الوطني (4 نواب).
وجاء في البيان الذي أطلعت عليه وكالة الأناضول أن “جلسة التصويت جرت دون بلوغ النصاب القانوني وهو 284 نائب من بين 462 يضمهم المجلس في وقت شارك في التصويت 180 نائبا فقط وبالتالي فالجلسة غير قانونية” في وقت قالت رئاسة المجلس أن جلسة التصويت شارك فيها 284 نائبا و59 وكالة لنواب غائبين.
وتابع: “نطالب بسحب القانون ونعلن براءتنا منه كونه يمس باستقرار الأسرة ويعرضها لمؤامرة التفكك لأنه بعيد عن مبادىء الشريعة الإسلامية”.
وصرح وزير العدل الجزائري الطيب لوح بعد التصويت على التعديلات، قائلا: “إنها راعت خصوصية المجتمع الجزائري الثقافية والدينية، وبالمصادقة عليه تكون الجزائر قد عرفت مزيدا من التقدم في مجال الإصلاحات لسد الفراغ القانوني والتكفل بالظواهر التي يعرفها المجتمع في صمت”.
من جهته زكى الرئيس الجزائري اليوم الأحد هذه التعديلات في رسالة للجزائريين بمناسبة عيد المرأة بالقول “لقد أوعزت الى الحكومة السنة الماضية من أجل إدخال تحسينات على النصوص التشريعية الخاصة بحماية المرأة من خلال تعديل قانون العقوبات في أحكامه المتعلقة بالعنف الممارس عليها وبتسديد النفقة الواجبة لها برسم القيام بالحضانة ولقد سرني ثراء ذلكم النقاش الذي أثاره النصان التشريعيان المذكوران”.
وحسب ناصر حمدادوش النائب بالمجلس الشعبي الوطني عن حزب حركة مجتمع السلم (إسلامي)، فإن “هذه التعديلات جاءت بدون مراعاة الخصوصية الثقافية للمجتمع الجزائري وهي ستهدد استقرار الأسرة والعلاقة الزوجية فالعقوبات على الزوج ستدمر الأسرة وتوسع ظاهرة الطلاق”.
وأشار في تصريحات لوكالة الأناضول اليوم، إلى أن “العنف ضد المرأة ليس ظاهرة في المجتمع تستحق قانونا كما فعلت الحكومة هناك حالات عنف وسط منحرفين فقط وكان الأجدر القيام بحملات تحسيس وعلاج أخلاقي لها بدل اللجوء إلى قوانين نرى أنها استجابة لضغوط غربية وهي ثمن تدفعه سلطة ضعيفة أمام هذه الحكومات والمنظمات بسبب الولاية الرابعة (للرئيس عبد العزيز بوتفليقة) التي فرضت على الجزائريين”.
من جانبه قال محمد بن حمو وهو رئيس حزب الكرامة (وسط) لوكالة الأناضول “هذه العقوبات بدل حماية المرأة من العنف نرى أنها ستكون لها نتائج عكسية بانتشار الطلاق والذي تكون المرأة ضحيته الأولى”.
وتابع بن حمو وهو محامي “العقوبات الواردة في القانون ضد الرجل قاسية جدا وكان يمكن مثلا تحديد سقف العقوبة على الضرب في ستة أشهر سجنا نافذا بدل خمس سنوات فضلا عن أن إثبات العنف داخل الأسرة صعب للغاية من الناحية القانونية”.
وأشار المتحدث إلى أن “هناك أيضا عنف من المرأة ضد الرجل سواء لفظي أو جسدي وكان الأحرى بالمشرع أن يتحدث عن عنف أو شجار متبادل بدل حصر الأمر في عنف ضد الزوجة”.