صلح الرملة

إذا كان صلح الحديبية، كما ورد على لسان خالد مشعل وأردوغان، يوظف اليوم كغطاء لما بات يعرف بـ صفقة القرن بين الأمريكان وجماعة الاخوان، بحيث يساعد الامريكان الاخوان على استلام السلطة في الشرق الاوسط مقابل طي الصراع العربي – الصهيوني عبر "هدنة طويلة" باسم صلح الحديبية، فإن صلح الرملة يوظف اليوم لتبرير التحالف مع الامريكان، وتسويق الأيوبيين من صلاح الدين الى اولاده واخوته واحفاده كغطاء لهذا التحالف..
عقد هذا الصلح بين صلاح الدين الأيوبي وما يعرف بالصليبيين عام 1192، اي بعد معركة حطين 1187 بسنوات، مما حدا ببعضهم الى إسقاطات ظالمة، بينها الطبيب اليهودي لصلاح الدين الذي يوصف بموسى الثاني "ابن ميمون" لتشبيه صلاح الدين بالسادات وكامب ديفيد بعد حرب تشرين.
وقد اعتمد بعضهم المذكور على ماهو اخطر من صلح الرملة، وهو توقيع صلاح الدين على اتفاق مع "الصليبيين" بزعامة الملك الصليبي عموري الأول للتفرغ لقتال خصومه في سورية والعراق.
وقد برر صلاح الدين ذلك في حينه باتفاق سابق وقعه الخليفة العباسي "المنصور" مع ملوك اسبانيا ضد خصومه الأمويين في الأندلس..
وبالمجمل، بالاستناد الى كتاب الدكتورة حنان خريسات "السياسة الايوبية تجاه الصليبيين" وجهودها الكبيرة ومراجعها المشهود لها (المقريزي – الاعشى – النويري – وليم الصوري – ابن واصل) وغيرهم، فقد شهدت العهود الايوبية المختلفة العديد من الاتفاقيات مع الصليبيين، بدءا من التمسك بصلح الرملة ومهادنة الاحتلال الصليبي "ابناء صلاح الدين الملك الافضل والملك العزيز عثمان وابنه محمد والملك العادل"، وانتهاءً بالتواطؤ معهم "الملك الكامل والملك الصالح اسماعيل" .
فتحت ضغط الخوف من الصليبيين والمنافسة مع أمراء وملوك العائلة الايوبية راح الملك الكامل يتحرر شيئا فشيئا من واجباته الجهادية، الى أن انتهى الأمر الى مخاطبة الصليبيين للتعاون وتسليمهم القدس واعلانها مملكة لاتينية كما كانت من قبل حطين، وكرس ذلك باتفاقية مع الملك فريدريك الثاني عام 1229، منحت للصليبيين معظم الساحل السوري من الشمال الى عسقلان مرورا بـ بيروت وصيدا ويافا، مقابل السماح للمسلمين باداء الشعائر الدينية في القدس..
اما الملك الايوبي الآخر الصالح اسماعيل، فقد استدعى الصليبيين الى سورية وادخلهم دمشق وتحالف معهم.
بالمقابل، فإن نهايات العهد الايوبي وبدايات العهد المملوكي مع بيبرس وزوجة الملك نجم الدين أيوب، وهي جارية من أصول أرمنية في الغالب، شهدت صحوة اسلامية جهادية ضد الحملة الصليبية التاسعة في مصر، كما بدعم الخوارزمية الذين قدموا من بلاد فارس وتمكنوا من تحرير القدس مجددا عام 1244 بعد أن سلمها الايوبيون للصليبيين.
ويذكر هنا أن أمير الكرك الناصر داود سبق الخوارزمية بتحرير القدس لفترة وجيزة عام 1239.
(العرب اليوم 2015-03-10)