في رثاء الخَجَل !

تم نشره الثلاثاء 17 آذار / مارس 2015 01:28 صباحاً
في رثاء الخَجَل !
خيري منصور

لسعد زغلول مقولة لم تشتهر مثلما اشتهرت (ما فيش فايدة وغطيني يا صفية)، ربما لأنها كانت جريئة في وصف من سمّاهم بأصحاب المبادئ النظيفة، لأنها كالملابس الداخلية تُغسل يوميا ولم يكن في زمن سعد زغلول عدد اصحاب المبادئ النظيفة كما هو اليوم لأن لدينا في عالمنا العربي المنكوب بأهله اولا من يستديرون مئة وثمانين درجة خلال اقل من مئة وثمانين دقيقة، ومنهم من اصبح كبندول ساعة الحائط يتحرك من اليمين الى اليسار وبالعكس كل ثانية، بحجة ان ايقاع المتغيرات تسارع الى حد يبيح تغيير المواقف بلا اي حرج، وأفضل لوصف لهذا كله هو استراتيجية الحرباء التي تغيّر لون جلدها كي تنجو، لكن هذا الكائن المسكين معذور لأنه محاط بأعداء ذوي انياب ومخالب يمتصون نخاع الفريسة حين تقع، اما الانسان الذي ورث عدة ألفيات من الحضارات التي انجزت قوانين وفنونا وآدابا فليس له عذر في ارتداء بدلة من جلد الحرباء، لأن هذا التنكر به انكار لكل ما كابدت البشرية لترسيخه من الأخلاق وما يتعلق بالكرامة واحترام الذات وشجاعة الرأي .
قبل زمن قصير كان هناك شعور بالخجل وكان المبتلون يتسترون ولا يشهرون ألسنتهم كالعورات مادحين ومعتذرين وشاتمين وشامتين، لكن الدنيا تغيرت، واكلت الحرة بثدييها رغم انها لم تجُع، وباضت الديكة لفرط ما صاحت على مزابل لها اسوار من رخام .
ولأن معرفة السبب تُبطل العجب فإن سبب ازمة الثقة والتكذيب المتبادل بين النخب اصبح مكشوفا وسقطت الأقنعة تباعا ! وما اسمعه احيانا من بعض الناس عن كونهم عزفوا عن القراءة وتلقحوا ضد تكرار الإصابة بالتضليل وفيروس النفاق ارى فيه بعض الحق لأنهم رأوا بالعين المجردة من زعم بأنه نمر او فهد يقدم طلب انتساب الى قطيع من النعاج، وقرأوا مذكرات ضباع موقعة باسماء مستعارة من سادة الغاب. الامثلة ميسورة للجميع وملقاة على سطح الورق والأثير ولا حاجة بنا للتورط بذكرها لأن هناك ما يتطلب الغرغرة وتطهير الفم بعد ذكره، ورحم الله ذلك الحكيم الذي قال ان خامل الذكر خير من صاحب الذكر الذّميم .
والله ما كنت سأذهب الى هذه المساحة المقفرة التي لا ظل فيها ولا ماء لولا ان الخجل رحل بلا رجعة وثمة من كسروا وراءه كل ما في بيوتهم من اباريق فخار وجِرار !!

(الدستور 2015-03-17)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات