"الإسلام والدولة ": قراءة جريئة ومغايرة للموروث

المدينة نيوز - صدر كتاب " الإسلام والدولة " للمفكر السوداني الشيخ النيّل عبدالقادر أبوقرون عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت مؤخرا طارحا العديد من الأسئلة المركزية فيما يتعلق بالموروث الإسلامي التقليدي الذي نتقبله دون تمحيص واجتهاد وتفكير، حتى لو كان يسيء للإسلام نفسه، ومركزا على كيفية تحول الإسلام في بداياته من دعوة إلى الله للناس كافة إلى دولة سياسية محددة تحاكم عباد الله باسم الله دون أن يكون لهذا الأمر أي مصدر في القرآن أو حياة النبي صلى الله عليه وآله وبارك، ومن هذه التساؤلات التي يتناولها الكتاب ونقرأ بعضها على الغلاف الأخير :
هل جاء الإسلام ليلغي الديانات السابقة ويكفّر أصحابها أم مصدّقا لها ؟ وهل يجوز إجبار الناس على الدخول في الإسلام بحدّ السيف أم أن الحرية الدينية مكفولة فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر؟ وماذا إذن عن التضليل الذي حدث بشأن ما أطلق عليه "فتوحات إسلامية " أو غزوات للنبي صلى الله وبارك عليه وآله ؟
من هم " الذين آمنوا " الذين خوطبوا مرارا في القرآن الكريم وما الفرق بينهم وبين الذين هادوا والنصارى؟
هذا غيض من فيض الأسئلة الجريئة التي تصدى لها الشيخ النيل أبوقرون في كتابه التجديدي هذا نافضا الغبار عن أربعة عشر قرنا من الأفكار والممارسات التي وجدنا عليها آباءنا وما تناقله السلف دون تمحيص، مستندا في حججه الدامغة إلى كتاب الله وعصمة نبيه محمد صلى الله وبارك عليه وآله، وبالتالي فإنّ بعض من يقرأه سيشعر بمقدار الأصالة التي ينطوي عليها، فهو لا يقلد السابقين من التابعين، في تفسيراتهم، ولا يتقيد بها، بل لا تجد في مادته رجوعا إلى مصادرهم، وقد يرى بعضهم في نصوصه حقائق صادمة مثل نور ماحق، ذلك أن قرونا كثيرة مضت دون اجتهاد وتجديد، ولهذا فإنّ خير قراءة لكتاب العصر هذا هو أخذه بالمحبة بعيدا عن التعصب الأعمى والانغلاق والخوف .
لقد جرّب المسلمون الكثير من المذاهب والملل والنحل بل هجر بعضهم الدين والتوحيد نهائيا إلى الإلحاد وعبادة الشيطان أو الانحلال في المادية، وقد آن الأوان كما يرى مؤلف الكتاب لمراجعة شاملة مع النفس لمعرفة علة العلل وكيفية التقدم بدين الله إلى الأمام ليغدو كما أرسله الله منارة حب وإيمان لكل البشر، وأول الأمر يقتضي تصحيح العلاقة مع المعلم الأعظم النبي محمد صلى الله وبارك عليه وآله.
أما المؤلف الشيخ النيل النيل أبوقرون، فقد تربى في بيت علم وتصوف في قرية أبو قرون بالسودان، ودرس القانون في جامعة الخرطوم، وعمل في المحاماة والقضاء حتى تولى وزارة الشؤون القانونية في عهد النميري، وساهم في صياغة قوانين الشريعة الإسلامية، وهو مفكر وباحث أصدر عددا من الكتب والأشعار، منها " رسائل الشيخ النيل: مراجعات في الفكر الإسلامي المعاصر "، وبسبب أفكاره التجديدية وطروحاته الفكرية المغايرة للسائد فقد تعرض إلى محن شتى واتهامات باطلة ومنعت كتبه.