البقاء على قيد الوعي

تم نشره الأربعاء 18 آذار / مارس 2015 02:04 صباحاً
البقاء على قيد الوعي
خيري منصور

لم يعد البقاء على قيد الحياة مطلبا آدميا، فالدودة والصرصار والفايروس تتمتع بالحياة ولا يضيرها ما يقوله البشر عنها، والنمل لا يهمه ما اذا كان السكر الذي يجتذبه على كعب حذاء او على إناء من كريستال . ان المطلب الان هو بقاء الناس على قيد العقل كي لا تنقلب معادلتهم الوجودية رأسا على عقب فيعيشوا ليأكلوا وليس العكس، وبالتالي تجرهم امعاؤهم كالثعابين الى الزّاد لأن الزمن الذي قال فيه صديقي الزاد اشرفه القليل قد ولّى، واصبح كل ما هو انساني مثارا لسخرية الواقعيين الذين اجروا جراحة لاستئصال ما تبقى فيهم من رومانسية كما لو انها زائدة دودية مهددة بالالتهاب والانفجار .
ان اكثر عبارة نسمعها من بعضنا هذه الايام هي هل انت فاهم ما يجري ؟ ام ان المعلقين والمذيعات في الفضائيات يتلاعبون بك فتكون مع القيصر او مع الله حسب الطلب، ما دام لكل شاشة رعاة يمدونها بالجلوكوز عندما تصاب بالانيميا وتوشك على الاحتضار .
ولو اعترف من يكتبون بمن فيهم من يخربشون من الهواة بما يسألهم الناس عنه بدءا من ذويهم لكان هذا الاعتراف سبيلا للغفران لكنهم ينكرون، ويخدعون من يسألهم عما يجري لأن للأحمق معجبين به وهم الاكثر حُمقا فالمسألة نسبية كما في كل مجال آخر .
البقاء على قيد العقل هو الاصرار على الامتناع عن الشرب من ذلك النهر الذي يغسل ماؤه الدماغ والذاكرة، وتلك بحد ذاتها مهمة عسيرة، خصوصا في مجتمعات تتصدر قائمة مواعظها التربوية : ضع رأسك بين الرؤوس، ما يقع من السماء تتلقاه الأرض، فأي عذاب هذا الذي اصبح قدرا لمن يتشبثون بجمرة الوعي ؟ وهل الخلاص الأخير هو الاعتذار عن اقتراف جريمة التفكير ما دام التكفير بالمرصاد وكذلك العقاب الذي يبحث عن جريمة وعندما لا يجدها يخترعها ويبحث عن ضحية مناسبة لها .
ما جدوى كل هذه التكنولوجيا اذا اصبحت مُسَخّرة لخدمة الخرافة وتجميل الجهل والنّعيق ؟ فقد اخطأ من اطلق مصطلح التغريد على معظم ما يتداوله زبائن هذا الصندوق الذي اصبح شبيها لصندوق باندورا في الاساطير والذي ما ان يرفع عنه الغطاء حتى تندلع الشرور كلها من داخله وكأنه كيس مليء بالافاعي فتح في غرفة مغلقة ينام فيها طفل !

(الدستور 2015-03-18)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات