من يحاصر فنزويلا ولماذا؟

تتكون فنزويلا "مثل أية دولة في العالم" من طبقات وقوى اجتماعية – سياسية، لها مصالح تتضارب بهذا المستوى أو ذاك، وتصل حد الصراع والتناقض في حالات الاستقطاب الحادة.
عمال وفقراء وجنود وفلاحون ومثقفون وطبقات شعبية، مقابل البيوتات المالية والشرائح العليا من الطبقة الوسطى في الدولة والجيش.
ولو اقتصر الأمر على هذا التشخيص لما وجدنا كل هذا التكالب الأمريكي – الصهيوني – الاوروبي على هذا البلد وقيادته المنتخبة، حسب اللعبة الامريكية – الاوروبية نفسها ، وهي صناديق الاقتراع.
فما من أحد، يمكن ان يتحدث عن طغيان ودكتاتورية في فنزويلا، التي تخوض منذ عقد كامل تجربتها الديمقراطية وفق المقاييس الاوروبية والامريكية.
بل ان الاغلبية الشعبية "الحاكمة" هي التي تحافظ على هذه الديمقراطية وتصونها، فما تحولت هذه اللعبة الى دكتاتورية دموية، كلما استحوذت الاقلية الاوليجاركية على السلطة، بفضل دعم المخابرات الامريكية والشرائع العليا من الطبقة الوسطى، فلماذا تحاصر فنزويلا، ومن يحاصرها، وماهو المطلوب عربيا لمؤازرتها والوقوف معها:-
1. تحاصر فنزويلا لأنها لم تعد دمية بيد شركات النفط والمخابرات الامريكية، وصار قرارها حرا مستقلا، ولا يقرر السفير الامريكي أو أي سفير اوروبي ماذا يتوجب عليها أن تفعل.
2. تحاصر فنزويلا لأنها وقفت مع الشعب الفلسطيني وحقه في استرداد أرضه وحقوقه، ولأنها راحت تخصص مجانا آلاف المقاعد للطلبة الفلسطينيين والعرب الفقراء في كل التخصصات.
وحيث تحتفظ معظم البلدان العربية بما فيها السلطة الفلسطينية بعلاقات علنية أو سرية مع العدو الصهيوني، فقد قررت فنزويلا قطع العلاقات معه.
3. تحاصر فنزويلا لأنها رفضت كل أشكال الحصار للبلدان العربية، ولأي بلد يرفض الابتزازات والاملاءات الامريكية والصهيونية والاوروبية.
4. تحاصر فنزويلا لأنها تخوض معركة فك التبعية مع الامبريالية الامريكية والاوروبية، ولأنها صارت كرة ثلج في امريكا الوسطى والجنوبية لبناء دوائر وتحالفات واصطفافات مستقلة حرة وموفورة الكرامة.
5. تحاصر فنزويلا لأنها استعادت مشروع سيمون بوليفار لوحدة امريكا اللاتينية، وراحت تشرك كل شعوب هذه القارة في حقول نفطها وجامعاتها ومؤسساتها.
وهو ما يذكر بالرئيس، جمال عبد الناصر، ومشروعه وشعاره "نفط العرب للعرب وليس للامريكان والانجليز والفرنسيين".
6. تحاصر فنزويلا لأنها وضعت برنامجا كبيرا لدعم الثقافة والمثقفين، وأطلقت ثورة في حقول الأدب والمسرح والسينما والموسيقى.
7. وأخيرا تحاصر فنزويلا لأنها دخلت في تحالفات مع دول البريكس "روسيا، الصين، البرازيل، الهند، جنوب افريقيا".
8. أما القوى التي تحاصر فنزويلا، فبالإضافة لقوى الاستعمار الجديد "الامريكي"، والقديم "الاوروبي" والشركات والمافيات المرتبطة بها، هناك العدو الصهيوني، وهناك الرجعية العربية التي موّلت ولا تزال تمول كل الدسائس التي تستهدف شرفاء العالم وأحراره، وكل من يدعو للتنوير وفك التبعية عن الامبريالية والصهيونية.
9. لكل ذلك، فأقل ما يمكن ان يقدمه أي عربي شريف وحر لهذا البلد الصديق وشعبه وقيادته، هو رفع الصوت عاليا تضامنا معه ودفاعا عنه، سواء بالكتابة او الاحتجاج بكل الطرق السلمية الممكنة، وتوجيه رسالة الى الامريكان والعواصم الاطلسية والصهيونية والرجعية العربية ان دولة فنزويلا وشعبها وقيادتها ليست وحيدة في معركة الشرف والحرية والاستقلال والكرامة.

(العرب اليوم 2015-03-18)