اقتصاديات الغنى والفقر

هل يظن القارئ أن هناك تفاوتاً صارخاً في الثروة بين الأفراد والجماعات في الأردن؟ إذن ليقرأ عن حالة العالم اليوم.
تقول التقديرات المحسوبة جيداً أن ثروة أغنى 1% من سكان الأرض تقل قليلاً عن ثروة 99% الباقين، ولكن هذا الوضع سيتغير بحلول العام القادم 2016، حيث ستصبح ثروة 1% من سكان الأرض أكبر من إجمالي ثروات 99% من السكان!.
هذا ما تقول به دراسات مكافحة الفقر التي قامت بها مجموعة أوكسفام، ونقلت عنها البي بي سي.
تقـول المجموعة أيضاً أن ثروة أغنى 80 شخصاً في العالم تبلغ 9ر1 ترليون دولار، وتعادل ما يملكه 5ر3 مليار إنسان أو أكثر من نصف البشر الذين يقعون في النصف الأسفل من سلم الثروة العالمية.
حالة عدم المساواة (التفاوت) في الثروة أصبحت موضوعاً ساخناً، ليس بين علماء الاجتماع أو الاقتصاد فقط، بل بين السياسيين أيضاً.
التفاوت الصارخ في الدخول والثروات يتناسب مع درجة التطور والتقدم الاقتصادي، فكلما تطور الاقتصاد كلما توفرت الفرصة لأقلية صغيرة للاستيلاء على حصيلة النمو.
إحصاءات الفقر وتوزيع الدخول بين العائلات في الأردن تدل على تفاوت كبير في الثروات والمداخيل، ولكنـه لا يصل إلى ولا يقترب من الحدود التي يشهدها النظام الرأسمالي العالمي، ولم تسلم منه البلدان التي تحولت مؤخراً من الاشتراكية إلى الرأسمالية كروسيا والصين.
مر وقت كان الأردنيون قريبين من المساواة عند مستوى متدن، فلم تكن هناك فروقات كبيرة في مستويات معيشة العائلات المختلفة، فلا فقر مدقع ولا غنى فاحش.
الوعي بقضية عدم المساواة متوفر، ولكن الإجراءات العلاجية لا وجود لها، وإن وجدت فليست فعالة. وفي منتدى دافوس الأخير تولى الرئيس السابق كلينتون الدفاع عن قضايا الفقراء وفي معصمه ساعة رولكس ماسية ثمنها 60 ألف دولار!.
الأغنياء يدفعون ضرائب أكثر، والفقراء يستفيدون من خدمات الدولة المجانية في الصحة والتعليم، ولكن العائد على رأس المال المستثمر يزيد عن معدل النمو الاقتصادي العام، مما يعني ان الفجوة بين من يستمدون دخولهم من قوة عملهم، ومن يستمدون دخولهم من عوائد استثماراتهم، ستظل في حالة توسع.
الاشتراكية ليست الحل، فقد اتضح أنها تهبط بالأغنياء ولا ترتفع بالفقراء.
(الرأي 2015-03-18)