أهل التمثيل وأهل التحصيل..

تم نشره الإثنين 08 آذار / مارس 2010 09:32 صباحاً
أهل التمثيل وأهل التحصيل..
موسى الصبيحي

المدينة نيوز - تتغير حياة الإنسان في مراحل مختلفة من عمره، وفي لحظة ما قد يطرأ تغيير سريع بالمعنى المحسوس دون أن يعني ذلك أنه بلا جذور... التغيير لا يعني دائماً أن ثمّة محركات تدفع باتجاه معين، لكنه فعل ناجم عن تدافع ذاتي، وقد يكون ذلك بأبعاد خارجية، وربما يكون ناجماً عن حالة سكون عميقة في النفس، مدفوعة بقوة هائلة ضاغطة كنتيجة حتمية لفعل السكون الطويل، من الصعب مواجهتها وكبحها أو إبطال مفعولها..
لا أتكلم هنا بفلسفة ونظريات، ولكن عن واقع قد يواجه أي إنسان في لحظة ما، فإنْ لم يكن عارفاً ببعض الحقائق النفسية والإنسانية العامة ذات الصلة بهذا الشـأن، فقد يصاب بانكفاءة بالغة، وقد يترنّح ويسقط من أول مواجهة، والأمر نفسه ينطبق على المجتمعات تماماً كما الأفراد، فالبعض يحب المفاجآت والتغييرات، والبعض يحب الرتابة والسكون، وكذلك الحال بالنسبة للمجتمعات وهي بكل الأحوال مدفوعة بهواجس البشر وطرائق تفكيرهم..!!
من هنا، نجد أن الفرصة السانحة لبلورة فكرة نافعة في الذهن، قد تكون إحدى البدائل المهمة في توجيه دفة التغيير ومساره، ومع الأسف، الكثيرون لا يعيرون هذا الموضوع الأهمية التي يستحق، ومن هنا نرى أن الكم الهائل من الأفكار التي يتبادلها الناس كل يوم عبر الأثير أو عبر السطور، وتعصف بالأذهان صباح مساء ليست ذات جدوى حقيقية، ولا أثر لها في واقعهم.. في حين أن الفكرة الواحدة، إذا توفرت لها البيئة الملائمة القادرة على احتضانها وتهيئتها وبلورتها وتشكيلها بإيجابية، ستكون مؤهلة لإحداث تغييرات كبيرة في حياة الناس والمجتمعات..!!
مشكلتنا في العالم النامي، أننا لا نعطِ أفكارنا قيمة، وكثيراً ما يتحمل أصحابها وزر تفكيرهم، وأحياناً يحاسبون ويعاقبون على أفكارهم حتى قبل أن تُختبر..!!
قيمة أي إنسان بقدر ما يحمل من أفكار، لا كمّاً وإنما نوعاً، وهذا يمنح فرصاً أوسع لكل أفراد المجتمع للتعبير عن قيمهم وقيمتهم، بصرف النظر عن المكانة الاجتماعية التي يحتلونها بحكم وظائفهم أو ثرواتهم أو شهاداتهم العملية، فالموضوع لا يتصل بالتحصيل بقدر ما يتصل بالتمثيل..!!
هنالك فارق كبير بين منْ يحاول الحصول على القيمة من خلال حصوله على الوظيفة أو الثروة أو الشهادة العلمية، وبين منْ يسعى للحصول على القيمة من خلال تمثيل صادق لموقعه في المجتمع..!!
في مجتمعاتنا ثمة خلط كبير بين الاثنين، أدّى إلى فقدان التوازن المجتمعي فضلاً عن فقدان التوازن الفردي، وأصيب البعض بانتكاسة ورِدّة عنيفة كنتيجة لذلك، بيد أنّ الذين فكّروا بعقلانية، ووزنوا الأمور بهدوء، وعرفوا كيف يمكن تكريس الأفكار لخدمة المجتمع، كانوا الأكثر استحواذاً على القيمة، دون أن يلهثوا وراءها..!!
العدوى انتقلت إلى أهل السياسة، فأصيب سياسيون بارزون بمرض الشهرة، ومع أنهم لم يفيدوا مجتمعاتهم بقدر ما أشبعوا رغباتهم في الشهرة، فقد جلسوا ذات مساء صافِ في فناءات بيوتهم، بعد أن توقفت عدسات الإعلام عن ملاحقتهم، وتساءلوا: أي قيمة أضفناها في الحياة، وهل ما بلغناه من تحصيل كان مفيداً ونافعاً لنا ولمجتمعاتنا..!!؟
البعض امتعض وانتحر.. والبعض فكّر ملياً ثم تراجع واستغفر، والبعض الآخر أخذته غفوة إبليسية فتمادى في الباطل وبطرْ..!!
الدرس: ليس سياسياً منْ تغلبه الشهرة على الفكرة.. وليس وطنياً منْ يُؤْثر التحصيل على التمثيل..
فيا أهل السياسة: احذروا فثمة مطبّات على الطريق قد تطيح بكم في لحظة يتعالى فيها جنون الشهرة على رصانة الفكرة.. فتخسروا، وتخسر أوطانكم..!!



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات