حلقة الإرهاب المفقودة

تم نشره الأحد 22nd آذار / مارس 2015 01:47 صباحاً
حلقة الإرهاب المفقودة
خيري منصور

عشرات المؤتمرات الإقليمية والدولية التي عقدت لوضع استراتيجية مضادة للإرهاب والسعي للحد من تمدده الأخطبوطي عانت -وما تزال- من حلقة مفقودة، هي باختصار اختزال تجفيف مصادر الإرهاب في بُعد واحد، وهو اقتصادي سياسي بامتياز والحقيقة ان اخطر مصدر للإرهاب وثقافة العنف والتطرف بشكل عام تربوي ووثيق الصلة بالانماط السائدة من ثقافة فقدت بالتدريج بعدها الأخلاقي واصبحت رهينة لنظرية الواقعية التي تشكك في جدوى اية فكرة غير قابلة للصرف ميدانيا .
وتفسير ذلك ببساطة هو بلوغ الرأسمالية ذروة توحشها وافراز مفاهيم تبيح للبشر فعل كل شيء تحت مختلف الذرائع والأسماء، ما ضاعف من تهميش ملايين البشر ، وحين يقال ان البطالة والفقر هما من أهم دوافع التطرف فذلك ايضا تشخيص لا يخلو من خلل واختزال، لأن الجماعات المتطرفة تضم افرادا ليسوا فقراء .. وليسوا جهلة ايضا، ومنهم مُتخصصون في الكيمياء وفي علم النفس، المتخصصون في الكيمياء يترجمون خبراتهم وما تلقوه في بلدانهم الى متفجرات وأحزمة انتحارية، والمختصون في علم النفس يوجهون البوصلة الإعلامية وتُعهد اليهم صياغة بيانات وأخبار، وقد اضيف مؤخرا الى هؤلاء مصورون ومخرجون سينمائيون يتلاعبون بالمشاهد ويوظفونها لمضاعفة إثارة الرعب .
هكذا تعددت مصادر التطرف، ولم تعد سياسية أو اقتصادية فقط، ما يستدعي على الفور إعادة النظر في تلك المقاربات الناقصة والتي حذف منه قوس بالغ الخطورة نفسيا واجتماعيا ومعرفيا . إن مواجهة الإرهاب عنوان كبير وفضفاض لأنه يتضمن بالضرورة مواجهة الثالوث المزمن بأضلاعه التي تتشكل من: الفقر والجهل والقابلية للتضليل وغسل الأدمغة .
إذن هي عدة جبهات وليست جبهة واحدة، وإذا كانت الجيوش بأدواتها تواجه الإرهاب من زاويتها العسكرية المحددة، فإن النخب الثقافية والمشتغلين في العلوم الانسانية لهم حربهم وأدواتهم أيضا فأين هم ؟ وهل يكفي عقد ندوات موسمية والمراوحة حول عموميات متكررة ؟ أم أن ذلك مجرد إضاعة للوقت والجهد والمال ؟
لقد دخل الإرهاب الآن الى طور آخر وأصبحت له مكونات ونسيج واجندات تنضوي في سياق، لهذا فهو قابل للنمو والتمدد إذا لم تكن مواجهة شاملة، بدءا من دور التربية الوقائي الذي يحصّن الأجيال الناشئة من الوقوع في الكمائن والأفخاخ وليس انتهاء بالمعالجة النفسية فالمتطرف مريض، ويُصنّف سايكولوجيا في خانة الشواذ لأنه مصاب بعمى يحول دون رؤيته الموضوعية للآخر لأن الآخرين كلهم بالنسبة إليه أعداء ما لم يصبحوا على شاكلته !

(الدستور 2015-03-22)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات