إلى متى الخلل بالعلاقة بين الطالب والمعلم

تم نشره الإثنين 08 آذار / مارس 2010 06:07 مساءً
إلى متى الخلل بالعلاقة بين الطالب والمعلم
فيصل تايه

المدينة نيوز- ....أنا أكره معلمي ولا أحبه .. لأنه عصبي المزاج جدا ! لا يبتسم ! يهزأ مني في كل صغيرة وكبيرة ! لا أفهم شرحه ! واجباته كثيرة ! يستفزنا .. يضربنا !أصبحت لا أحب المدرسة فهي همي وغمي

... لماذا اخترت هذه المهنة ؟ .. أكره دخول هذا الصف به طلاب مشاغبون لا يحترمون وجودي ..

قد لا يكون الطالب مصيبا في حُكمه .. فهل من خلل في العلاقة بين ذلك الطالب ومعلمه ، فما عبر عنه هو إحساسه نحو معلمه ! فهل باستطاعتنا القول أدركوا طلابنا الذين هم أبناؤنا يا زملائنا المعلمين ..

أم أن المعلم يئس من إيجاد علاقة تبادلية ذات بيئة تربوية آمنه بحيث يستطيع من خلالها العطاء !!

اعذروني .. زملاء .. أصدقاء .. أهل همة وإباء ..

ما عمدت إلى كتابة هذا المقال بصيغته الحالية مرة مداً وأخرى جزراً إلا لأرصد وإياكم مواطن الخلل .. ونشخص حالة مرضية تربوية أصبحت هماً على الجميع.. بعناصرها الثلاث ...المعلم ..الطالب ..والغرفة الصفية والله من وراء القصد

فما طرحته في الصورة السابقة .. نجد أن العلاقة الحميمة والأمن مفقودان بين المعلم وطلابه فهل على المعلم أن يراجع سلوكه وطريقة تعامله مع طلابه أم سيتطور الوضع وسيصبح المعلم عامل تنفير للطلاب !

هل لقسم الإرشاد التربوي دور .. وأين خطته التربوية العلاجية المفعلة لتعزيز العلاقة بين المعلم والطالب و هل أن معلمونا بحاجة ومعهم المرشد الطلابي المعين في كل مدرسة لهذا الغرض والذي يتقاضى (علاوة صعوبة العمل) وغيره إلى دورات إنعاش ميدانية في فن التعامل مع الطلاب .!!

.. أم أن طلابنا بحاجة إلى تربية سوية قادرة على استيعابهم وفهمهم وتوجيههم .. أم هي ثقافة مجتمعية على جميع أفراد المجتمع إدراكها وفهمها وتحمل مسؤولياتهم تجاهها وتضافر كل الجهود لمعالجتها ..

أين هي الحلقة الأهم في الموضوع .. العلاقة بين البيت والمدرسة .. وهل مضت السنة الدراسية كاملة على الطالب دونما زيارة واحدة لولي أمره لتفقد سلوكيات ابنه وتحصيله الدراسي وهل فعلا تواصل ايجابيا مع ذلك ؟ .. وهل تأكد من أن تربيه ابنه تصب في المسار الصحيح من حيث إعداده وتنشئته نفسيا وسلوكيا ومراقبه تصرفاته .

نعتب على المعلم ونطلب منه كل شي .. لأنه - مربي الأجيال - ونتركه في ميدانه التربوي وحيدا يصارع الواقع والسلوكيات التي قد توصف بالغريبة والعجيبة لبعض الطلاب والتي أحيانا تدفعه إلى التخلي عن أخلاقيات مهنته .. وتذرعنا المستمر هو : ... الطالب دائما على حق .. !!

أم على للمعلم هنا أن يعيد بناء جسور الثقة بينه وبين طلابه وذلك بإشعارهم بالأمان والعطف والمحبة وأن يحاورهم ويرشدهم بالطرق التربوية ليتفاعل طلابه مع عطائه . و أن يكسب قلب الطالب ليكسب عقله ، وحسب علمنا وتقديرنا وخبرتنا فإن المعلم المتميز هو المعلم الذي يستطيع أن يدفع الطالب للتعلم وبذل المزيد من الجهد وأن يحببه في العلم والمعرفة والبحث ..!!

على ذلك هل يجوز لنا أن نقترح على إخوتنا في جهاز الأمن العام .. ضرورة استحداث مديرية تسمى مديرية الأمن والسلامة الطلابية كجزء من مهامها المجتمعية وبمشاركة قسم الإرشاد التربوي في وزارة التربية والتعليم مع ضرورة وجود برنامج متكامل للتوعية المجتمعية وخطة نهوض وطنية تحاكي روح المشكلة على قدم وساق بالتزامن مع بداية كل عام والذي أصبحنا على نهايته.. وخير البر عاجل ... فللضرورة أحكام ؟

أعزائي ..

سئمنا الحديث في هذا الموضوع لأنه واقع لا يمكن نكرانه فهو دوما في مخيلة كل معلم وطالب ..فلنعد قليلا إلى الوراء فلكل منا .. ذاكرة تمتلئ بمشاهد و صور لواقع عشناه طلاب و معلمين ..
..كلمات .. بنت في النفس أمالا و طموح .. كلمات أخرى كان لها وقع سيء على النفس .. حطمت الكثيرين ..لتكون سببا في تغيير مسار طالب إلى ما لم يكن بالحسبان ..

إدراكنا الحتمي أن طلاب اليوم .. هم رجال الغد .. و لن يمكثوا مدى الحياة على مقاعد الدراسة .. فواقعنا يشير بأن هناك مفارقات
كبيرة .. وهي مزاملة الطالب اليوم معلمه بالأمس .. و قد يحصّل مركزا يعلو مركزه ..ليس عيبا " لكنه من صور الواقع ..

اعذروني أحبتي :

علينا أن لا ننسى تشبيه أمير الشعراء "احمد شوقي " المعلم بأنه يكاد يحتل منزلة قريبة من منزلة الرسل لكونه يحمل رسالة تربية و تعليم جيل بأكمله.. ومقولة أخرى قديمة تقول .. من علمني حرفا " صرت له عبدا " ... فاحترامه هل هي ضرورة واقعيه عند جيل اليوم

أم علينا التذكير بأنه من المفترض أن تكون علاقة الطالب بالمعلم حجر زاوية في العملية التعليمية .. وهل هناك حاجز من الاحترام و التقدير يتضمن شيء من الرهبة بين الطالب و معلمه ..

دعونا نتمعن في العلاقة ما بينهما اليوم ...!!!!

ألازال هذا البيت الشعري يحتفظ بمعناه اليوم :
قم للمعلم وفه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا

هل ضعف دور المعلم اليوم في ظل مصادر المعلومات المختلفة و المتعددة التي بات من السهل على الطالب الوصول إليها ؟؟
هل ترون أن الجدار بينهما آل إلى السقوط ؟؟ إن كان كذلك فما هي الأسباب و هل لقانون الانضباط المدرسي تأثير ايجابي أم سلبي ؟
هل اثر انتشار الدروس الخصوصية في التقليل من قيم جميلة كان المعلم يتميز بها مقابل لقمة العيش؟

هل كان معلم الأمس أكثر جدية و يتمتع بصلاحيات أوسع و هذا ما جعله أكثر وقارا و احتراما بينما تتدخل إدارة المدرسة اليوم في شيء منها ؟؟!!! هل هناك وسائط تعليمية كافية لخلق التفاعل بينهما في المدارس ؟؟

ماذا عن علاقة المعلم بأولياء أمور الطلاب.. وهي بالتأكيد الحلقة الأهم .. والتي تخلق جوا من الود والعلاقة التكاملية السليمة وتمد جسوراً من الثقة..
تساؤلات كثيرة أحببت أن اطرحها.... علّي أصل وإياكم إلى تحليل أسباب الخلل الذي نعيشه اليوم و الذي يتجلى في الكثير من مظاهر الشغب و الفوضى داخل أبنية بعض مدارسنا..

أحبائي .. شاركوني الرأي فمن خلال واقع عشته لسنوات وتعاملي مع طلابي الذين أحبت خلصت إلى القول :
بين المعلم والطالب علاقة لابد وأن تكون شديدة الخصوصية يحكمها الوعي.. وتؤسسها معاني المسؤولية وتغلفها القيم العليا ويقودها الضمير الحي.. وإن حدث أي خلل اختلت العملية التربوية برمتها.. فالمعلم هو أحد المكونات الرئيسية في العملية التربوية لأنه هو الذي يمهد السبيل أمام الطلاب للانتفاع بما يتلقونه على يديه من حقائق ومعارف ومفاهيم.. هو صانع القرار في إعادة صياغة المادة الدراسية وتشكيلها بشكل يسهل على الطالب استيعابها.. ترى من هو المدرس الناجح بنظر الطلاب ؟
المدرس الناجح هو الذي يعرف كيف يضبط الصف جيداً دون الحاجة إلى الصراخ وذلك عن طريق الاحترام المتبادل والود والمحبة لكسر حاجز الخوف الذي يتكون عند الطالب في بداية العام.. وان يكون قادراً على إيصال المعلومة له بشكل مبسط وسلس. فالطالب الذي لا يحب معلمه لن يستطيع أن يفهم أي شيء من المادة.. والمعلم الجيد هو مثل أعلى للطلاب ويبقى أثره حتى بعد أن يترك الطالب المدرسة..

فلنعد قليلاً إلى الوراء .. فقد تميزت العلاقة التبادلية بين الطالب والمعلم على مدى التاريخ بالتذبذب واختلفت مكانة المعلم وأهميته من بلد لآخر .. وبالرغم من أن الطالب ( المتعلم ) يعتبر هو محور العملية التربوية.. إلا أنه يظل المادة الخام التي يضعها أولو الأمر بين يدي المعلم لكي يشكل منها ما يشاء من شخصية قد تكون - بإرادة المعلم الذكي ذو الهدف الواضح- مثالا يحتذى به وعلما من الأعلام. أما نوعية العلاقة التبادلية التي تربط الطالب بمعلمه فقد وضع لها المهتمون صيغ وسلوكيات على الطالب إتباعها إن أراد الحصول على ما لدى معلمه من علم لينتفع به .

وأهم هذه السلوكيات هي الاحترام والتواضع للمعلم كما نرى في وصية سيدنا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه) : - تواضعوا لمن تتعلمون منه وليتواضع لكم من يتعلم منكم.. ولا تكونوا من جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم( فالمتعلم لا يتكبر على العلم ولا يتأمر على معلم .. بل يلقي إليه زمام أمره بالكلية في كل تفصيل ويذعن لنصيحته إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق
ومع هذا نرى أن اللوم يطال المتعلمين إن هم قصروا في أداء ما عليهم.. بغض النظر عن دور المعلم في هذا التقصير.

أما المعلم الذي حظي بكل التقدير والاحترام منذ زمن ليس ببعيد .. نجده اليوم يعاني من الجفاء والإهمال وقلة الاحترام من قبل طلبة هذه الأيام.. وعند التقصي عن حقيقة هذا الجفاء نجد أن للمعلم نفسه الحصة الأكبر في ما يعانيه .. فمعلم الأمس كان همّه إيصال ما لديه من معلومات إلى مريديه حتى لو كان ذلك بلا مقابل.. بل تجد بعض المعلمين يبذل الغالي من أجل طالب رأى عليه إمارات النبوغ فيتعهده بالرعاية والاهتمام ولأن الله -عز وجل- لا يضيع عمل عامل منكم .. تجد المتعلمين سواء النابغين منهم أو ذوي الحظ البسيط من الفطنة يجلّون أستاذهم ويتخذون من عبارة ) من علمني حرفا ملكني عبدا ) .. سلوكا مؤدبا مع من علّمهم.
أما معلم اليوم .. وهنا لا يجوز التعميم طبعا.. يجد في تقربه للمتعلم وتملّقه على حساب سير العملية التعليمية والتربوية من أجل أن يحصل على مردود مادّي جيد .. (خاصة معلمي الدروس الخصوصية) الطريقة المثلى للتعامل.. وبِوِزْرِ هذه النماذج ساءت سمعة المعلم وقلَّ احترامه لدى مريديه لأنهم اعتقدوا أن المعلم راغب في ما لديهم من أموال فظنوا أنهم هم المتفضلين عليه لا العكس.
ومن هذا المنطلق نجد أن العلاقة التبادلية بين الطالب ومعلمه ساءت كثيرا وأصبحت مادية ممقوتة.
ورغم أننا لا نريد أن نضع اللوم كله على طرف واحد إلا أن الحقيقة تشير أن المُوجِّه لحركة العلم والصاقل لمواهب الطلاب إن لم تكن نيته خالصة لوجه الله أولاً ثم إن لم يجددّ ما لديه من علوم ثانيًا وان لم يجعل من القناعة والترفع عما في أيادي مريديه ثالثا فإنه يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأمور من سوء. 


Fsltyh@yahoo.com



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات