تأجيل القمة العربية: ما رأيكم؟

لم يخطر ببال الحاضرين السؤال عن القمة العربية التي ستنعقد بعد أقل من أسبوع في شرم الشيخ. لكن زميلا صحفيا لفت النظر إليها قبل أن يهم الحضور بالمغادرة. "القمة العربية؟"؛ تمتم الحاضرون بسخرية. طلب المسؤول من أحد معاونيه أن يحضر نسخة عن مسودة قرارات القمة؛ لقد أصبحت جاهزة منذ فترة! تلا بعضا من بنودها التي سمعنا مثلها من قبل عشرات المرات، ولم يُكمل.
قمة عربية بمثل هذه الظروف؟ سيرد المتحمسون للعمل العربي المشترك، بـ"نعم" كبيرة. وهل هناك ظروف أكثر خطورة مما نحن فيه؟ نعم، على قادة الدول العربية أن يتداعوا، اليوم قبل غد، لمواجهة الأخطار المحدقة بدولهم.
في قمة العام الماضي، كان ما يزال بوسع ثلثي قادة الدول العربية أن يشاركوا. في قمة شرم الشيخ، لن يتمكن نصفهم من الحضور. القادة العرب في تناقص مستمر. بعض الدول أضحت بلا رئيس، وآخرون تمنعهم الظروف الصحية من الحضور. فيما الغياب القسري يحول دون مشاركة رؤساء. وحضور بعض الرؤساء مثل غيابهم.
رئيس هارب، وآخر مطلوب للعدالة الدولية، وثالث لا تسمع له صوتا في بلده، وعدد غير قليل من مجهولي الإقامة؛ أي قمة عربية هذه؟ وأي قرارات ستتمخض عنها؟ ستكون مهزلة بحق.
مؤسسة الجامعة العربية برمتها هي اليوم حالة إنسانية تستحق الشفقة والعطف. كيف لنا أن نطلب من رؤساء دول كانوا سببا في شقاء شعوبهم، أن يجتمعوا ليخلصوا الأمة من معاناتها وأزماتها؟
ست دول عربية في حكم المنهارة حاليا، وأخرى على الطريق.
وثمة أسئلة مشروعة تجاهلها القائمون على ترتيبات القمة؛ من يمثل سورية في القمة؟ ومن يمثل ليبيا واليمن ولبنان والصومال؟
يعلم فريق العمل المكلف بالتحضير للقمة أن الجميع يحضرون بتثاقل. كلهم على علم بأن القمة مجرد اجتماع بروتوكولي لن يقدم أو يؤخر في شيء. أزمات المنطقة ومشكلاتها خارج قدرة النظام العربي على إدارتها. اللاعبون الحقيقيون لن يحضروا في شرم الشيخ. إنهم هناك في طهران وإسطنبول وإسرائيل وواشنطن وموسكو. مصير دول عربية تقرره قمم واجتماعات في تلك العواصم، لا في شرم الشيخ، ولا غيرها من المنتجعات العربية.
انعقاد القمة العربية بمثل هذه الظروف الصعبة، سيكون مناسبة فقط لاستعراض العجز العربي، وتسجيل الفشل أمام العالم. لماذا هذه الفضيحة إذن؟
لا يريد أحد أن يتحمل المسؤولية ويقول الحقيقة، حتى لا يُتهم بالتنكر للعمل العربي المشترك. لكن مثل هذه التهم الجاهزة أهون على الأمة من مهزلة القمة الفاشلة.
كي يتجنب الزعماء العرب هذا الموقف المحرج، ليس أمامهم سوى المبادرة إلى تأجيل القمة إلى إشعار آخر.
دعونا من الكلام الكبير عن الأمة الواحدة والمصير الواحد؛ هذا ليس صحيحا في حالتنا اليوم. الأمة مصيرها بيد الآخرين لا بيدنا، وكياناتها تنهار تباعا. من صمد منها عليه أن ينأى بنفسه، كي لا يصاب بالعدوى.
تأجيل القمة هو الخيار المناسب، إلى أن تتغير الظروف؛ فيكون انعقادها حدثا يغير مجرى الأمور.
(الغد 2015-03-23)