قوميون مقاومون لا سنّة ولا شيعة

من المؤسف والمحزن ان نضطر لاستخدام القاموس الكريه عند الاشارة الى بعض القضايا الحساسة التي لم يعد ممكنا انكارها او تجاوزها، وأخطرها ما يتعلق بالتجاذبات المذهبية وخنادقها السياسية:
1.مقارنة بأيام المد القومي العربي بزعامة جمال عبد الناصر، ومعاركه المجيدة ضد الامريكان والصهيونية والرجعية والتبعية، فإن الكتلة الأعظم من الأمة وهي (الكتلة السنية) تعيش حالة مضطربة بين الركود والقلق وارتدادات لبعضها لا تخفي التحاقها المباشر وغير المباشر بأشد الجماعات إجرامية وظلامية وتخلفا وعمالة في التاريخ البشري (داعش والنصرة واخواتها من انصار الشريعة وغيرها).
2.وبالمقابل ولأول مرة في تاريخ الأمة تستحوذ كتلة معينة على خطاب المقاومة وتحدي الامريكان و(اسرائيل) هي الكتلة الشيعية.
ويأخذ هذا الاستحواذ اشكالا معقدة مختلفة لا تروق لقسم لا يستهان به من الكتلة الأكبر في الأمة، وذلك بالنظر إلى تداخل المقاومة مع طرف اقليمي بعينه، هو الطرف الايراني.
3.وفي غياب الكتلة التاريخية المتجاوزة للمذاهب والاحتقانات الطارئة، حيث لم يحقق العرب ثورتهم القومية الديمقراطية ومجتمعاتها المدنية الناجزة، فإن المطلوب ابتداءً من القوى العروبية اليسارية داخل الكتلة الأكبر، المبادرة لاستعادة هذه الكتلة نحو ثقافة وخطاب المقاومة والعقلانية والعروبة، وفك كل علاقة مع الامريكان والرجعية والصهيونية وجماعات الاسلام الأمريكي، الناعمة والخشنة على حد سواء.
وأيا كان موقف هذا الطرف أو ذاك من حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن وعصائب الحق في العراق، وما يجري في الإحساء والبحرين، فلا يجوز أبدا لأحد من الكتلة الاعظم التي صاغت تاريخ الأمة وقاتلت المستعمرين العثمانيين والاوروبيين والامريكان وادواتهم الرجعية والصهيونية، وقدمت للعالم واحدا من اعظم قادة العصر وهو جمال عبد الناصر، ان تلوذ بالاحتقانات المذهبية المضادة وتضع فلسطين خلف ظهرها وتمد يدها للأطلسيين والتكفيريين.
لا يجوز لاحد في هذه الكتلة ان يجرها الى خندق لا ترفع فيه رايات فلسطين والعروبة والتحرر الوطني والقومي.
ان التوازن مع حزب الله لا يكون بالانطلاق من الشريط الحدودي الاسرائيلي بل في مواجهة هذا الشريط، كما ان التوازن مع انصار الله في اليمن لا يكون بالتواطؤ مع الامريكان والرجعيين والتكفيريين بل في مواجهتهم.
هكذا تستعيد الكتلة مكانتها ودورها وتعيد لباب المندب وسواحل المتوسط هُويتها العربية الوطنية النظيفة، فالخطاب الديني أيا كانت مسوغاته لا يواجه الا بخطاب قومي عربي عقلاني وبمقاربات طبقية لا طائفية.
(العرب اليوم 2015-03-24)