الاوتبور والعدالة بقــلم غريبــــــــــر

ثمة من اعتبر ويعتبر اشاراتنا الدائمة الى دور الاوتبور في اعداد شباب وشابات (الثورات البرتقالية) وكذلك الى القاموس السياسي الأمريكي ومفرداته المبرمجة للشرق الأوسط، ومنها (العدالة) على سبيل المثال، إشارات مختلقة وافتراءات ليس إلا.. فماذا إذا جاءت هذه الاشارات على لسان أحد المهندسين الكبار للثورات البرتقالية في الوطن العربي وخارجه.
في كتابه (مشروع الديمقراطية) الصادر عن عالم المعرفة (الكويت) في نوفمبر 2014.. يؤسس ديفيد غريبر كل تصوراته انطلاقا مما يسميه (موجة حركة العدالة العالمية) التي لم تنعكس مصادفة في اسماء كل الحركات الاسلامية البرتقالية من مصر الى تركيا الى المغرب.. الخ، فضلا عن أن (العدالة) من المفردات الأمريكية البديلة للقاموس السوفييتي السابق خاصة مفردة الاشتراكية.
وتحت عنوان (حركة 6 ابريل) المصرية التي شكلت عماد الحراك المصري والجماعات الاسلاموية، يقول ديفيد غريبر وبالحرف الواحد (الصفحات من 31 – 34).. دعتني صديقتي بريا ريدي التي كانت يوما من "حركة الجالسين على الشجرة" كما أنها من قدامى المدافعين عن البيئة، إلى مقابلة اثنين من مؤسسي حركة 6 أبريل الشبابية المصرية، كانا في سبيلهما الى الحديث في منتدى بريخت، وهما أحمد ماهر، ووليد راشد.
واتضح لنا أن 6 ابريل ليست بأي معيار من المعايير، حركة راديكالية، وقد كان ممثلا للحركة، بطبيعتهما، فهما من الليبراليين الكلاسيكيين، ومن ذلك النوع من الناس الذي كان سيصبح، لو أنهما ولدا في امريكا، من المدافعين عن باراك اوباما، ومع ذلك فقد كانا ينسلان من وراء ظهر المكلفين برعياتهما للحديث الى مجموعة متنافرة من الفوضويين.
ويتابع غريبر.. كانت لدي نسخ بعض الفيديوهات التي اراد راشد أن يعطينا اياها وكان بعضها مصريا وبعض الاخر، ويا للعجب من انتاج الجماعة الطلابية الصربية (اوتبور) التي من المحتمل انها ادت الدور الاكثر اهمية في تنظيم الاحتجاجات الجماهيرية والاشكال المتنوعة للمقاومة السلمية التي اطاحت نظام سلوبودان ميلوسوفيتش اواخر عام 2000
وقد اوضح لنا أن الجماعة الصربية كانت واحدة من مصادر الالهام الاولى لحركة 6 ابريل، ولم يتراسل مؤسسو الجماعة المصرية مع المخضرمين في اوتبور وحسب، بل ان كثرة منهم طارت الى بلغراد في بواكير ايام المنظمة لحضور حلقات دراسية حول تقانات المقاومة السلمية، بل ان حركة 6 ابريل تبنت نسخة من الشعار الخاص باوتبور وهو القبضة المرفوعة..
قلت لراشد "أنت تدرك أن (اوتبور) انشأتها بالأصل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية" هز كتفيه، من الواضح ان منشأ المجموعة الصربية لم يشكل اهمية لديه، لكن اصول "اوتبور" كانت اكثر تعقيدا من ذلك وفي الحقيقة كما سارع عديد منا للتوضيح، فالتكتيكات التي اتبعتها هي وكثرة من الجماعات الأخرى التي كانت في طليعة الثورات "الملونة" في العقد الاول من القرون من القرن – من الامبراطورية السوفييتية القديمة نزولا الى البلقان – وبمساعدة من الاستخبارات المركزية الامريكية، كانت تلك التي تعلمتها الاستخبارات الامريكية اصلا، من دراستها لـ "حركة العدالة العولمية" وبينها تكتيكات نفذها بعض الاشخاص الذين تجمعوا عند نهر هدسون، تلك الليلة بالذات.

(العرب اليوم 2015-03-26)