الاعتداءات المتكررة على المعلمين.. إلى متى؟

باتت الاعتداءات على المعلمين مقلقة في ظل ازديادها مؤخرا، واتخاذها أشكالا خطيرة، لا يمكن السكوت عنها. فعدم الوقوف أمامها بكل جرأة وموضوعية تمهيدا لمعالجتها جذريا، سيفاقم القضية إلى أقصى حد.
مناسبة هذا الحديث، ما وقع، أول من أمس، في مدرسة صلاح الدين الأيوبي بمدينة الرصيفة حينما هجم طلبة وأولياء أمورهم على المدرسة مهددين المعلمين بسواطير، ما أثار هلع المعلمين والطلبة في المدرسة. هذا الهجوم الخطير، لم تكن وراءه أسباب وتداعيات خطيرة تبرر حتى ولو شكليا خطورة الاعتداء. فالهجوم جاء على خلفية مشاجرة طلابية، تعرض فيها طالب من أقرباء المعتدين للضرب على أيدي زملاء له وليس على أيدي معلمي المدرسة. وهذه الحالة، لا تستدعي هذا الهجوم ولا ترويع المعلمين والطلبة بسواطير، قد تتسبب بإيذاء شديد لهم.
لا يجوز أن تمر مثل هذه الحالة أو غيرها من الاعتداءات على المدارس والمعلمين، هكذا من دون حساب وعقاب لمقترفي الاعتداء، لأن ذلك سيشجعهم وسيشجع آخرين على القيام بمثل هذه الاعتداءات الخطيرة. إن الحفاظ على هيبة التعليم في الأردن لا يتم، من خلال رفع مستوى العملية التعليمية فقط، وإنما أيضا من خلال الحفاظ على كرامة المعلم وهيبته. إذ لا يجوز لأي كان، أن يستسهل عملية "اقتحام" مدرسة، وترويع المعلمين والطلبة فيها. إن ذلك، يتم، عندما يعرف تماما بأن الأمور لن تصل إلى خواتيمها، وأنه لن يعاقب على ما اقترفت يداه من جريمة، وأن هناك من سيعمل على إنهاء القضية من خلال صلحة، أو من خلال إجراءات أخرى تعفي الجاني من العقوبة.
وهذا ما حصل في حادثة المدرسة، عندما تحايل المعتدون على القانون، وعلى الشكوى التي تقدم بها المعلمون للمركز الأمني المختص، من خلال تقديم شكوى مماثلة، يدّعون فيها تعرضهم للضرب داخل المدرسة. ولذلك، ولتلافي الإجراءات القانونية، تنازل الطرفان عن الشكويين، ففاز المعتدون، ولم يعاقبوا على الاعتداء الخطير الذي اقترفوه بحق المعلمين والمدرسة والعملية التربوية بالمجمل. وبهذه الطريقة أفلتوا من العقاب، مع أنه لا يجوز ذلك، ويجب محاسبتهم حتى ولو سحبت الشكوى من قبل المعلمين. فالاعتداء على المدرسة يجب أن لا يمر هكذا، ويستدعي من الجهات المعنية معاقبة ومحاسبة من اقترف هذا الاعتداء حتى لا تتكرر مثل هذه الأفعال الخطيرة والمرفوضة.
إن وزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين وكافة الجهات المعنية، مطالبة باتخاذ الإجراءات المناسبة لوقف الاعتداءات المتكررة على المعلمين والمدارس والعملية التعليمية. فالتساهل في التعامل مع مثل هذه الاعتداءات سيشكل حافزا لمن لا يقيمون وزنا للعملية التعليمية والتربوية لممارسة اعتداءاتهم وانتهاكاتهم.
(الغد 2015-03-28)