فوضى الاقتتال الداخلي العربي

تم نشره الأحد 29 آذار / مارس 2015 02:42 صباحاً
فوضى الاقتتال الداخلي العربي
د.باسم الطويسي

في فوضى الاقتتال الداخلي العربي تذهب الحروب التي تخاض بين اطراف داخلية وخارجية يوما بعد يوم، نحو توظيف العشائر في عمليات عسكرية واسعة ، حدث ذلك وما يزال يحدث في العراق منذ الاحتلال الاميركي وصولا الى المعارك الجارية في هذا الوقت ضد تنظيم داعش، ويحدث الأمر في سورية وآخرها الاخبار عن تدريب العشائر في جنوب البلاد. ويحدث ذلك ايضا في ليبيا بحيث تتقاسم العشائر التنظيمات السياسية والسلاح، كما هو الأمر في اليمن. وآخر الأخبار من هناك تتحدث عن نية التحالف الجديد تسليح عشائر في شمال اليمن لخوض المعركة البرية لاستعادة الشرعية للحكم في صنعاء في بلاد يوجد في أيدي عشائرها اكثر من 60 مليون قطعة سلاح ، وكان لها جيش يعد 72 لواء مسلحا!
العودة للعشائر وتحويلها الى قوة عسكرية، وتحديدا في العالم العربي السني تكشف حجم الازمة التي يعيشها العالم السني وطبيعة السياسات التي يقاد اليها بهدف تهشيم ما تبقى من هياكل الدول الوطنية وزرع بذور صراعات ممتدة قد تتجاوز بكثير الأهداف التي يخطط لها، وعند الحديث عن الاهداف قد تبدو اهداف عمليات التسليح نبيلة في بعض الحالات ومنها توظيف هذه الكتل الاجتماعية في الدفاع عن اوطانها، ولكنها في نفس الوقت تكشف حجم الانكشاف الاستراتيجي والسياسي الذي وصلت اليه المنطقة العربية. فالسياسة تقبل بأي وسيلة من أجل تحقيق غاياتها ولكن ليس للحد الذي يؤدي إلى اضافة المزيد من الزيت على النيران المشتعلة بالفعل ونسف فكرة الدولة من أساسها حينما يتم خلق كيانات تنافسها في احتكار القوة والعنف .
اكبر عمليات تسليح العشائر تمت في العراق في سبيل المساهمة في محاربة القاعدة والتنظيمات الارهابية، ويمكن ان نتتبع النتائج فيما يحدث اليوم، حيث يقال الكثير حول الانقسام الحاد في العقائد الوطنية للعشائر العراقية في هذا الوقت، وفي فهم كل منها وتقديره للموقف على خلفيات الفسيفساء المذهبية والسياسية. لا يمكن القفز عن الواقع بهذه السهولة، فالوقائع التي كرسها العنف الطائفي تحت وصاية الاحتلال الاميركي وما ورثه من نظام حكم تابع، تؤكد بدون شك بان استراتيجية تسليح العشائر العراقية مغامرة خاسرة في حسابات مستقبل الدولة العراقية، وهي في المحصلة تأسيس لجيل جديد من الفاعلين في دائرة العنف والحرب الأهلية ومدها بأدوات أخرى.
الجماعات الأولية وأمثلتها جماعات العلاقات القرابية، الجماعات العشائرية، الجماعات الجهوية، الجماعات القائمة أنماط استقرار واستيطان، يزداد لديها الإحساس بالتهديد الخارجي والداخلي معاً حينما تبدو ضعيفة أمام التحولات ؛ فالعلاقة مع الخارج تبدو قائمة على التهميش والموقف منه إما انسحابي أو هجومي، والعلاقة مع الداخل ندية قائمة على توازن هش، وكلما زاد الشعور بالتهديد أو بفقدان الحقوق أو التهميش، ازداد التعاضد والذوبان بالجماعة المرجعية لدرجة قد يفقد الفرد استقلاليته وذاتيته. واذا ما تم الإفراط في نشر السلاح في ايدي هذه الجماعات، تمسكت بكينونتها ورغبتها في الانقسام؛ أي نفي فكرة القبول بالدولة والانتماء اليها.

(الغد 2015-03-29)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات