وقت بين الرماد والورد !!

تم نشره الأحد 29 آذار / مارس 2015 02:44 صباحاً
وقت بين الرماد والورد !!
خيري منصور

هذه نبوءة ادونيسية، عمرها عدة عقود والوقت بين الرماد والورد طال بالفعل لكن موعده أزف، إذ ينطفئ كل شيء ليبدأ كل شيء . ومن لوّحوا للعرب مودّعين بمناديل تقطر منها الشماتة لا الدّمع، اساؤوا فهم القيامة القومية، عندما يختلط ولو للحظة نابل الهدم بحابل البناء ويعقب الاثنين بابل الخليقة وقد يزأر الحجر في ظلال تلك الاطلال، فتكون الكتابة على الطين هي مبتدأ جملة الحضارة والكتابة بالدم هي خبرها .
ذات يوم قرأ أدونيس شعرا في عمان فهبّ عليه من لا يحبون الشعر ولا الحياة ويصابون بالكآبة اذا أزهر الليمون او الزيتون، واوشك الضيف على البكاء وحين صعدت اليه وعانقته على المنبر قال بصوت متهدّج وبلهجة شامية يقطر منها ما تبقى من بردى الشجي :
عجبك .. ها هي الشرطة تحرس الشاعر من الجمهور ...
ومضت الايام والاعوام وكنا ننتظر بشغف واحيانا بنفاد صبر هذا الوقت بين الرماد والورد وبين الفاعل ونائبه وبين المبني للمعلوم والمبني للمجهول، فهبّت رائحة من ليمونة جريحة، وأغدق الشجر من زهره البنفسجي ما يكفي لأن يتذكر الزيتون من زرعه فيكون الزيت دمعا، وتلك نبوءة شاعر آخر خذله حصانه الوحيد عندما استدرجه الى ذلك المنحدر بين البروة في شعاب الجليل وبين رام الله وعلى مشارف الخليل .
هذا الوقت ليس جملة معترضة في كتاب مطرز من الالف الى الياء بالابجدية، حيث الكينونة هي استجابة لفعل امر من حرفين فقط، هو كُن كما ان الحب -ايضا- من حرفين احدهما يبدأ من قاع القلب والآخر يغلق الشّفتين !
قد يقول القارىء الذي اصابته الفضائيات بالغثيان وأقلع عن العادة العلنية لمشاهدة سلحفاة تحاول الطيران وصقر تنبت على جسده صدفة بعد تساقط ريش الجناحين، هل تبقى من اللغة ما يكفي للاعتذار عن كل هذا القبح وهذا الصمت الأسود الذي لا يرشح منه غير الكراهية .
لست مضطرا للاجابة لكن القارئ الحصيف الملقّح ضد الاصابة بانفلونزا الافاعي القادمة في الطريق هو حليف الكاتب الملدوغ من الجُحر ذاته الف مرة ليس لنقص في ايمانه بل لاصراره على تطهير الجحر وتحويله الى عش .
اشمّ عن بعد رغم كل هذا الزكام الوبائي رائحة الورد القادم ليقول للرماد والرمل معا: كفاكما احتلالا واستيطانا لهذه الارض، فيوم لكما والايام كلها لمن حاولتما حجبه ومنعه من القدوم ..
في كل قيامة قومية يختلط الأمر على العين الكليلة المغطاة بالقذى فلا تدري ما اذا كان حصان امرىء القيس يكرّ ام يفرّ، كما انها تخطىء الفارق الحاسم بين الغسق والشّفق !

(الدستور 2015-03-29)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات