القمة العربية والحزم

تم نشره الأحد 29 آذار / مارس 2015 02:55 صباحاً
القمة العربية والحزم
د.رحيل محمد غرايبة

كانت القمم العربية في أغلبها لا تشكل حدثاً بارزاً أو لافتاً لدى الجماهير والشعوب العربية، وبقيت الجامعة العربية الغائب الأكبر عن مجمل الأحداث الجسام التي تعصف بالأقطار العربية خاصة في السنوات الأربع الأخيرة، وما زالت غائبة أو في غيبوبة، ولكن ما حدث مؤخراً على يد بعض الدول العربية التي اشتركت في «عاصفة الحزم» يشكل انعطافة جديدة في تاريخ العرب الحديث، ما يجعل القمة العربية في هذه الأوقات تكتسب أهمية استثنائية.
أصبح الخطر الداهم الذي يهدد العرب من كل حدب وصوب يتجاوز كل المستويات وكل التوقعات، بحيث يستحق من كل الأطراف ومن كل أصحاب المسؤولية المسارعة إلى إجراءات وقائية على مستوى العالم العربي، وما زالت الجامعة العربية على هزالها تشكل المظلة العربية التي تستحق التفعيل من أجل الدفع نحو استفزاز مكامن الخطر للدفاع عن الحوزة العربية المستباحة، ما يحتم على بعض الدول العربية المستقرة أن تهب لملء الفراغ القيادي على المستوى العربي مثل: السعودية والمغرب والأردن والجزائر وغيرها.
خطوة «عاصفة الحزم» التي اشتركت فيها (10) دول عربية تعد قفزة ايجابية غير متوقعة، وربما تحدث للمرة الولى في التاريخ العربي الحديث من أجل نصرة اليمن الشقيق الذي توافق شعبه على المبادرة الخليجية بعد ثورة الشعب اليمني السلمية على النظام السابق، ولكنه تعرض لعمل عصابات مسلحة أطاحت بكل منجزات الثورة، واستولت على القصر الرئاسي في صنعاء وحاصرت الرئيس المنتخب، وليس هذا فحسب بل عمدت إلى قصف المقر الجديد في عدن وتعلن عن مكافأة لمن يقبض على الرئيس المختفي، ما يشكل أعلى مستويات الاستخفاف بالشعب اليمني بكل شرائحه ومكوناته، واشد درجات الاستهانة بالمحيط العربي كله؛ نتيجة استنادها إلى قوة خارجية تعبث بكل الأقطار العربية بطريقة متغطرسة ومتعجرفة لا تقيم وزناً لكل الأمة العربية بكل شعوبها وأنظمتها وحكوماتها وأحزابها السياسية وقواها الاجتماعية.
لا شك أولاً أن الأنظمة العربية قد أسهمت إسهاماً بالغاً في وصول الأمة العربية إلى هذه الحالة البائسة، وهي التي أسهمت في اضعاف نفسها وشعوبها، واستغراقها في التبعية والاعتماد على القوى الدولية، والسير في التحالفات التي ألحقت ضرراً فادحاً في الحالة العربية بمجملها.
ولكن ينبغي التأكيد على عدم الاستسلام لحالة الضعف والبؤس واليأس، ويجب الشروع في صناعة يقظة عربية قادرة على الاحساس بالألم أولاً، وقادرة على تشكيل حالة جديدة ايجابية يمكن أن تشكل خطوة متقدمة على صعيد بناء برنامج سياسي عربي يستند إلى رؤية موحدة ورسالة مشتركة، وخطوط عريضة في التعامل مع القضايا الكبيرة بمسؤولية معقولة وبحدودها الدنيا، حيث أن امتلاك القدرة على تشكيل قوة عربية قادرة على الدفاع عن الشرعيات العربية ومواجهة التدخلات الخارجية يبشر بالقدرة على امتلاك برنامج سياسي عربي مشترك.
ايجاد البرنامج السياسي العربي المشترك، ليس شيئاً من الإعجاز ولا ضرباً من ضروب الخيال، ولكنه يحتاج إلى منهجية عربية جديدة ومختلفة بالتعامل مع القضايا السياسية الإقليمية والعربية تأخذ بعين اعتبارها مجموعة من المسائل المهمة:
الأولى : الالتفات إلى الشعوب والجماهير العربية، باعتبارها مصدر الشرعية الحقيقية، ولا مجال للبحث عن الشرعية من طرق أخرى، وينبغي وقف حالة الاستخفاف بإرادة الجماهير التي طال عليها الأمد ، وينبغي التوجه إلى تحكيم صناديق الاقتراع المقدسة في هذا السياق.
الثانية : إذا لم يساعد العرب أنفسهم فلن يستطع طرف في العالم مساعدتهم، لأن القوى الدولية تبحث عن مصلحتها المتوافرة لدى الأقوياء والذين يمتلكون أوراق القوة التي تؤهلهم إلى لعب دور سياسي معتبر.
الثالثة : الاستناد إلى معايير ثابتة وموّحدة، وعدم استخدام المعايير المزدوجة في تحديد معنى الشرعية، وتحديد من هو الرئيس الشرعي ومن هو غير الشرعي، لأن الخلل بالمعيار المطبق هو العائق الأكبر أمام تحقيق هذا الهدف أو بعضه على الأقل.
الرابعة : ينبغي الشروع في عقد مصالحات عربية عربية حقيقية محلية وإقليمية، يسبقها مصالحات مع القوى الشعبية العربية الفاعلة و المعتدلة، والتحاكم إلى الدستور والقانون بموضوعية ومسؤولية.

(الدستور 2015-03-29)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات